للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أولادها وأنه طردها من داره، ولم ينفق عليها، ولم يكلها إلى منفق، والرجل من هؤلاء (الزكرت) الذين يسمون في مصر (الفتوات) حليق الخدين، مفتول الشاربين، عابس باسر، طويل الطربوش أسوده مائله، منتصب القامة. مرفوع الهامة، كأنه مقبل على صراع. فسألته المحكمة عما يقوله فقال، وقد صعر خده، وشمخ بأنفه: لست أعرف هذه المرأة!. . . قالت المرأة: لست تعرفني يا أبا فلان؟ أهذه هي مروءتك وشهامتك؟ تنكر زوجتك، وتجحد ولدك، وأنت ترى طفلي وحملي، وتبيع عرضك وشرفك بعشرين فرنكا في اليوم تريد أن توفرها على نفسك، فتهدم بيدك بيتك. وتكتب بقلمك صفحة عار أهلك، وفضيحة أولادك.

قال: اسكتي يا امرأة، أنني لا أعرفك، فسألتها المحكمة: ألم يسجل هذا الزواج في دفاتر المحكمة وسجلات النفوس؟ قالت: لا يا سيدي؛ انه أبى أن يسجله، وتركه مكتوما لكي يضيعني. وانطلقت تنشج.

وأصر الرجل على الإنكار، وأعيت المرأة الوسائل، وكادت المسكينة تغلب على حقها؛ وإذا بطفل في الخامسة يلج قاعة المحكمة فيأخذ بيد أمه المدعية، ثم يرى الرجل، فيقبل عليه، ولكن الرجل يعرض عنه ويتجاهله، فيبكي ويصرخ: (ليش يا بابا، شو عملت لك يا بابا. . .)

. . . ويعترف الخبيث ولولا ذلك ما اعترف!

- ٣ -

امرأة قروية برزة ذات جمال ادعت على زوجها الطلاق. فأنكر فكلفتها المحكمة بيان زمان الطلاق ومكانه - فقالت: إنه وقع في دار زوجي. قال المدعى عليه: في داري؟! قالت: لا، بل في دار الآخر. وتنبه القاضي والمستمعون، وسألها: ماذا قلت ويحك؟ قالت: زوجي الآخر. قال القاضي. وما الآخر؟ قالت: انه تركني وأهملني ورماني فتزوجت غيره. قال الرجل: لقد كذبت، لم أهملها ولكنها أحبته وهربت إليه. قال القاضي: وماذا صنعت أنت؟ قال: وماذا أصنع، أنه عسكري وأني أخافه. قال: ومن عقد هذا العقد؟ قال: شيخ البلد وهو هنا.

وأمر القاضي بشيخ البلد فدعي. فحضر شيخ لحيته إلى سرته، له هيبة وشيبة ووقار. فسأله - فقال: نعم أنا زوجت هذه المرأة بفلان العسكري. أنها ذهبت إليه وساكنته فخفت

<<  <  ج:
ص:  >  >>