للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عليهما المعصية!! فزوجته بها الزواج الشرعي على كتاب الله، وسنة رسول الله!

قال القاضي وزوجها الأول؟ قال: نصحناه أن يطلقها فأبى. فهو المسيء إلى نفسه. وما أكرهتها بل زوجتها برضائها وموافقة أبيها. ولقد أنجبت منه أولاداً هم زينة البلد، لا كأولادها من هذا الجاهل الذي لا يقيم الصلاة. . .

قال أبوها وقد أحضر وسئل: نعم، لقد رضيت بما رضى به شيخنا وعالمنا حفظه الله، وأطال عمره. . .

- ٤ -

فتاة (على الطراز الحديث. . .) سافرة الوجه، غضة الأهاب، قصيرة الجلباب، تحاول كلما تحركت أن تبدي ما خفي من زينتها ومن فتنتها، وقفت موقف المدعي. وكان المدعى عليه رجلا عليه سيما الصلاح، وكان أباها، فلما تكلمت تكلم معها حاجباها وشفتاها، ورقص في صدرها نهداها، فأمرها القاضي بالأدب، لم رأى من تبذلها واستهتارها، وأن تلقي (منديلها) على وجهها، وأن تجد وتوجز في كلامها، وتسكن من جوارحها، وأن تستشعر حرمة المكان، وجلال المجلس، وإلا حبسها بذنب (الإخلال باحترام المحكمة). فأطاعت ما استطاعت

وكانت دعواها أنها ابنة المدعي عليه، وأنها لا تنكر أن داره رحبة، والمال فيها وفير، والعيش هنئ، وأنه ليس في الدار إلا أبوها وأمها، وأنها لا تشكو شيئاً من جوع أو عري، ولكنها تشكو عدوان أبيها على حريتها، فهو من (الطراز القديم) رجعي جامد، لا يؤمن بالنهضة النسائية. . . فهو لا يفتأ يسألها كلما خرجت، لماذا خرجت، وإن سهرت ليلة، قال لها: أين كنت، وإن سايرت شابا (مهذبا) أو زارته سبها وشتمها. فهي لم تعد تحتمل منه ذلك، وتطلب فرض نفقة لها عليه لتعيش في غير داره. . .

. . . ولا أريد أن أكمل الصورة فحسب القراء هذا الجانب منها. . . وتأويله عند صاحبات (المؤتمر)!

دمشق

على الطنطاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>