للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روحيا شهيا لا تنقد لذته. وعندي أنهما بلغا في ذلك تمام القصد بفضل طلاوة الموضوع الذي يعالجونه من ناحية، وبفضل الوضوح والنضوج اللذين امتاز بهما الفنان، والبساطة والرشاقة اللتين خص بهما الكاتب من ناحية أخرى، وإن كتابا يشترك في إخراجه فنان عبقري رقيق، وكاتب بارع رشيق، لخليق بأن يلقي من الإنسانية المتمدينة أكبر اهتمام، وأن يخلد بما فيه على مر الأيام.

وكان من الطبيعي أن يخطر ببالي نقل هذا الكتاب الممتع إلى فراء العربية فأقدم إليهم بذلك نوعا طريفا من التأليف، وثقافة فنية يحتاجها الفنان وغير الفنان على السواء. قمت بهذا العمل الشاق من زمن طويل، ثم طرحته جانبا متردداً مرتقباً لظروف غير الظروف إلى أن وقعت عليه عين أستاذي وصديقي الزيات فأرادني على نشر بعض فصوله فنزلت على إرادته.

تقدمة المؤلف

تقع على نهر السين، قريبا من بلدة ميدون التي لا تبعد كثيراً عن باريس، قرية ذات اسم جميل هو (فال فليري). تكلل هامة التل الصغير المشرف عليها بضعة أبنية تسترعي الأنظار بجمالها وغرابتها. وربما جال في خاطر من رآها أنها ملك لفنان. وحقيقة الأمر أنها ملك (أوجست رودان) الذي اتخذها مقراً له. وإذا ما قاربها المرء وجدها مؤلفة من ثلاثة أبنية رئيسية منعزلة، أما الأول فمنزل صغير ذو سقف عال مائل، مبنى بالآجر والأحجار على طراز لويس الثالث عشر، وقد اتخذه مسكنا له. وأما الثاني فبناء مستدير يقوم إلى جانب المنزل، له رحبة فسيحة يدخل إليه بسقيفة ذات عمد هي نفس السقيفة التي أظلت معروضاته التي عرضها عام ١٩٠٠ في معرض خاص أقيم بزاوية من (شارع بونت دي لالما) ' بباريس. وكان من دواعي سروره أن تقام هذه السقيفة مرة أخرى في صدر هذا البناء الذي اتخذه مرسما وقريبا من هذا وعلى حافة التل المنحدر يقع قصر أو بالحري واجهة قصر من قصور القرن الثامن عشر بها مدخل ظريف يعلوه إفريز مثلث الشكل يظهر بمثابة إطار لباب من الحديد اللين الزهر. وسيأتي ذكر هذا القصر فيما بعد.

تقع تلك المجموعة المتباينة الصفات. وسط بستان وادع بناحية هي ولا ريب من أجمل وأسحر النواحي التي بأرباض باريس، جادت عليها الطبيعة بكثير من جمالها، وزاد من

<<  <  ج:
ص:  >  >>