للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الناعس بأنه إله الحديقة؟ أن لحمه ذا الغينات لشبيه بتلك الأوراق الخضراء في نضارتها وصفائها. لقد أحب فنانو الإغريق الطبيعة حيا جما حتى أن تماثيلهم لتزهو فيها كما تزهو في عناصرها التي قدت منها).

ولنبحث الآن هذه الفكرة: أنا نضع التماثيل في حديقة، كيما نجمل بها تلك الحديقة. ولكن رودن يضعها بها كيما تكتسب تلك التماثيل جمالا منها. وعنده أن الطبيعة هي أبدا صاحبة الكلمة العليا والكمال الذي لا يحد.

وتقوم عند أصل شجرة من أشجار الاسفندان جرة إغريقية من فخار وردي اللون يغلب على الظن أنها كانت منطرحة بقاع البحر قرونا عدة وقد درست وتشبثت بمسامها بعض الطحالب وغيرها من عرماض البحار الجميلة، فيخيل لمن يراها أنها أغفلت هناك عن قصد، ومع ذلك فما كان يمكن أن تعرض لأعيننا بأجمل مما كانت عليه، لأن ما كان طبيعيا هو غاية الذوق ومنتهاه.

ثم شاهدنا بعد ذلك بدنا لفينوس من غير ما رأس أو أوصال قد أخفى ثدياه بمنديل عقد وراء الظهر فيتبادر إلى ذهن الرائي أن أحداً من متكلفي الحياة يحدوه حياء مصنع - قد آلى على نفسه أن يستر تلك المفاتن.

ولكن من المحقق أن مضيفي لم يشاطر موليير رأيه في هذا الحياء المصنع. لأنه أفصح لي عن سر ذلك قائلا (أنا الذي أخفيت ثدي هذا التمثال لأنه أقل جمالا من بقية أجزاء البدن) وعند ذلك أدار مزلاج باب أدخلني منه إلى شرفة أقام عليها واجهة ذلك القصر الذي ذكرته منذ هنيهة والذي يرجع تاريخه إلى القرن الثامن عشر. تبدو هذه القطعة النبيلة رائعة حقا إذا ما شوهدت عن كثب. أنها مدخل على رأس سلم من ثماني درجات، حفرت على الإفريز الذي يعلوه والذي يقوم على عمد تمثال تيميس تحيط بها ملائكة الحب. وهناك قال مضيفي: (قديما قام هذا القصر الجميل على منحدر تل مجاور بأيساي وكنت كلما مررت به أبديت إعجابي بجماله، ولكن سرعان ما اشتراه السماسرة وقوضوا بناءه. .) وعند ذلك لاح بعينيه وميض الغضب وقال: (لا تستطيع أن تدرك مقدار الفزع الذي تملكني عندما شاهدت هذه الجريمة ترتكب. آه يا للفظاعة! أيهدمون هذا البناء الجميل؟ لقد أثر ذلك في نفسي كثيراً كما لو كانوا يمثلون بجسم عذراء جميلة على مشهد مني).

<<  <  ج:
ص:  >  >>