للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الجميلة ريثما سمعنا ترحيب المدينة وتحدثنا إلى إخواننا في فرح الأمل وبسمة الظافر. ثم خرجنا إلى فندق البلدية حيث أعد الغداء. وأهل المدينة في الطريق والشرفات يصفقون ويحيون بلاد العرب.

وقد رحب بنا رئيس البلدية هناك.

ولم يسعني الصمت في حماة وفي هذه الذكرى بين هذا الجمع، فألقيت كلمة أتذكر منها هذه الفقرات:

أرجو أن يعذرني إخواني إن تكلمت وفي صوتي أثر المرض، كأن دمشق الحبيبة، دمشق التي أحببناها وأخلصنا في حبها، فعل بنا هواؤها ما فعل، (وقد يؤذي من المقة الحبيب). وإني أقول مغيرأ قول كثير:

هنيئا مريئا غير داء مخامر ... لجلّق من أجسادنا ما استحلّت

أيها الإخوان: إن الأمم لا تستيقظ في جانب وتنام في جانب، ولا تنهض في ناحية وتقعد في أخرى، إذا استيقظت استيقظ كل شيء فيها، وإذا نهضت نهضت كلها، فليس محض اتفاق أن اجتمعت وفود البلاد العربية على ذكرى أبى العلاء المعري في الشام حين اجتمعت وفودها في الإسكندرية لتخط للجامعة العربية خطتها، إن الأمم إذا عزمت وأجمعت أمرها لم يقفها شيء دون الغاية. ثم ذكرت اغتباطي بدخول حماة بعد طول اشتياق إلى دخولها. وحييت أهل حماة وأهل الشام جميعا، وقلت: إني أعني الشام الذي عرَّفني إياه التاريخ، لا أعرف هذه الأسماء الجديدة التي ما أنزل الله بها من سلطان.

وكان بجانبي الأستاذ الصديق عارف النكدي، فطال تصفيقه لهذه الفقرة.

فصلنا من حماة والساعة ثلاث ونصف نؤم المعرة.

أشرفنا على المعرة أصيل اليوم بعد مسير نصف ساعة من حماة فرأينا سهلا خصباً كثير الزروع والأشجار فخفقت القلوب لذكرى شاعرنا الفيلسوف، وابتسمت الشفاه لمعاودة مدينة أبى العلاء، وكنا زرناها قبل خمسة عشر عاماً، واستقبلنا في مدخل البلد شارع فسيح طويل لم نره في زيارتنا الأولى. وعرفنا أنه فتح في السنين الأخيرة، ودُعينا إلى الاستراحة في دار حديثة جميلة من دور آل الحراكي، ثم خرجنا نؤم مقصدنا، ضريح رهن المحبسين

<<  <  ج:
ص:  >  >>