للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ويستغني به عن النموذج الحي الذي استوحاه.

وكلتاهما وجهة نظر وطريقة اتجاه. أما التقدير الفني لهما فيقوم على مقدار ما استطاع المؤلف أن يبثه من فن ومدى توفيقه في معالجة موضوعه على النحو الذي أراد.

لا تزال الريشة في يد الأستاذ هنداوي ترتجف، ولا تزال تنقصها الجرأة الحاسمة، والحركة المتمكنة. وفي مثل هذه المسرحيات يكون للومضات الذهنية والتحليقات الفكرية والإشرافات الوجدانية كل القيمة في معالجة الموضوع. وهذا كله في مجموعة (سارق النار) محدود بقدر، حين يقاس إلى مثله عند توفيق.

وفي اعتقادي أن مسرحية (سارق النار) هي خير ما في المجموعة بالقياس إلى توافر هذه العناصر، وبالقياس إلى لمسات الحوار الموحية؛ وإلى رائحة النضج التي تشتم في هذا الحوار.

ثم تليها مسرحية (فتنة) فمسرحية (جزيرة بلا رجل) فمسرحية (المثال التائه) فمسرحية (اللحن الكئيب).

أما مسرحية (ميلاء) فالفشل واضح فيها. وأخشى أن يكون منشأ هذا تخلي روعة الأساطير الإغريقية ووحيها عن (المؤلف) فميلاء عربية في جوها وشخصياتها. وقد بقيت عارية من اللحم والدم والفن. ولهذا دلالة خطيرة! لا أحب أن آخذ بها في هذه المجموعة بل أوثر أن أنتظر تجربة أخرى جديدة!

بقيت كلمة حق:

إننا إذا استثنينا توفيق الحكيم. ورحنا نبحث في الشرق العربي عما أخرجته المطبعة في هذا الفصل - فصل المسرحيات الأسطورية. نجد مجموعة (سارق النار) هي الأولى في جميع المحاولات. ولعل المستقبل يضمر لمؤلفها من النضوج والتمكن ما يقفز به إلى الصف الأول. ولكن بعد جهد طويل.

سيد قطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>