للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسلمين، ونعتهم إياه بالنعوت التي كانوا ينعتون بها عادة آل أمية ملوك الشام.

ونال يوحنا من تقدير رجال الدين والكنيسة ما ناله من تقدير الدولة البيزنطية وجماعة الحكومة. نال لقباً عظيما هو لقب (قديس) ولقب بلقب آخر جميل اللفظ والمعنى هو لقب (يوحنا ينبوع الذهب) وخصصت له الكنيسة الإغريقية يوم ٤ ديسمبر ويوم ٦ مايو ليكونا عيدين خاصين بهذا القديس. الذي برع في علم المنطق والفلسفة وفي الثقافة اليونانية، والذي اتخذ من المنطق سلاحا يدافع به عن الكنيسة، والذي فلسف الكنيسة الشرقية وأخضع المعارف الإغريقية الوثنية لحكم سلطان الدين المسيحي

ووهب الله صاحبنا بصراً في العلوم الزمانية فاق بصره في العلوم الدينية. برع في علوم زمانه وتقدم على أقرانه وخلاَّنه. وألف كتابه الشهير المعروف باسم (ينبوع الحكمة) اقتصر في القسم الأول منه على محاورات أرسطو. وقد جمع العلامة لوكيان تأليفه اليونانية ونشرها في (مجموعة الآباء اليونان). والعلامة الفرنسي (لوكوين)

وهو بجملته وتفصيله مرآة صافية للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في معلوماتها ومعارفها في ذلك العهد. وبحكم مقامه في الخط الأول من خطوط القتال بين الإسلام والنصرانية اضطر إلى دراسة الأسلحة التي شهرها المسلمون على المسيحيين وعلى التنقيب في القرآن الكريم وفي أحاديث الرسول وفي سيرة النبي وأصحابه من الأنصار والمهاجرين لعله يجد نقصاً أو ضعفاً يتخذه هدفاً يهاجمه أو ركناً يبني عليه خطة هجومه على المسلمين بدون شفقة أو رحمة وهوادة.

بهذه الروح اعتكف يدرس القرآن الكريم والحديث النبوي وهو في عصر كان فيه أصحاب رسول الله أحياء يرزقون، حتى إذا ما حفظ القرآن وما شاء من أحاديث انطلق كالأسد يزأر فاتحاً فكيه يريد موضعاً سهلا يغرس فيه أنيابه من جسم المسلمين.

بتلك الروح صار يفلي آيات القرآن الكريم وينبش في ثنايا أحاديث الرسول وأخبار أصحابه من المهاجرين والأنصار لعله يعثر على ذلك الموضع السهل الذي يهجم منه على الإسلام، أو يمكن الطعن فيه بسلاح المنطق اليوناني الذي لم يتمرن العرب عليه ولم يكن لهم به خبرة أو إلمام، والذي صّوبه الوثنيون إلى النصارى فمضى مدة في جسم الكنيسة حتى إذا ما تعلمه رجال الدين استخدموه لمحاربة خصوم الدين. وفي الفصل ١٠١ من

<<  <  ج:
ص:  >  >>