هذا النقد الذي قضى على كيتز، وكاد يقضي على (اندرسن) هو الذي دفع إلى المجد كوَّبه، ولوئيس، وكلودفارير، وماترلنك.
ولنعد إلى شاعرنا كيتز. لقد ثار على النقاد جميعاً، ولا شيء يؤلم حقاً كقراءة هذه الرسالة التي كتبها شلَّي بهذا الشأن إلى مدير مجلة (كويرترلي روفيو) يخبره فيها (إن كيتز المسكين قد أُلجِئ إلى حالة لا تطاق من جراء تعسف الناقد وسوء تأتيه. لقد سبب له مرضاً أحسب أن الأمل ضعيف في شفائه منه. ولقد كتبوا إلى إن أولى علامات المرض تحاكي الجنون، وأنهم جهدوا كثيراً حتى استطاعوا أن يمنعوه من الانتحار. وإلى ذلك فإن آلامه النفسية سببت انفجار وريد دموي في الرئة. وبدت دلائل السل المعوي لديه).
فأي نفس، هذه النفس الرقيقة؟
والنقَّاد في بعض الأحيان لا يفهمون ولا يقدَّرون، وقد يهرفون بما لا يعرفون. ولكنهم، على كل حال، يكتبون وينقدون. ربما رفعوا قصيدة لبيت، وربما خفضوا كتاباً لمقطع. . . لقد اتهم النقادُ هاردي طول حياته بأنه كان متشائما. ولكنه لم يحفل بما قالوا ولم يحاول أن يدفع عنه ما نسبوه ولكنه ثار يوماً، وقد بلغ الرابعة والثمانين من عمره، عند ما نقده ناقد، فكتب يقول:(إني لأدهش من أنه ينبغي أن أذكّر الناقد الأديب أمراً هو أول قواعد النقد، أمراً كان عليه أن يعرفه كما أعرفه. إن أثر المؤلف ينقد ويحكم عليه بالجملة لا بمقاطع مأخوذة عرضاً ربما تعارضت وتباينت. . .)
ويتناول تينَّسون مسألة السرقة الأدبية، فيقول:(وربما صادفوا معنى واحداً عند شاعرين، فيقولون هذا سارق وذاك مسروق منه، مع أن العين البشرية تتأمل الأشياء نفسها في العالم كله، فمن الطبيعي أن يتلاقى الشعراء. . .) ويذكر أن أديباً صينياً كتب إليه ذات يوم يخبره أن بيتين في شعره وجدهما بألفاظهما ومعانيهما في قصيدة لشاعر صيني لم تترجم ولم تنقل إلى لغة من اللغات.
ويُدلّل تينسون على عجز النقَّاد عن الفهم بقوله:
عرفت عجوزاً، زوج صياد، فقدت ولديها في البحر. فرأيتها في يوم عاصف تشير بقبضة يدها إلى البحر الهائج وتصيح:
(آه! تستطيع أن تزأر وتغضب الآن! فلشدَّ ما أبغض مرآك مظهراً أسنانك البيض. .)