كل أولئك خلقاء أن يذكروا أن القريحة التي تستفيد من تعبير عصفورة أو تعبير زهرة تستفيد ولا شك أضعاف تلك الفائدة من تعبير أبي الطيب وهوميروس وابن الرومي وبيرون وعمر الخيام، لأن قصائد هؤلاء تعبير عن الطبيعة الحية وليس قصاراها أنها لفظ يقال أو أنها فن يصاغ.
فالاطلاع على ثمرات القرائح اطلاع على ثمرات الحياة، وكلما اتسع النطاق اتسع التعبير وتنوعت الثمرات، لأنك لا تعرف الحياة الإنسانية بالإطلاع على أبناء زمانك الذين يشبهونك ويتلقون معك الشعور من مصدر واحد، ولكنك تعرف الحياة الإنسانية حق عرفانها إذا عرفت الصلة التي بين العصور المختلفة والأقطار المتباعدة، وعرفت الواشجة التي تجمع بينها على تعدد المصادر وتفاوت المؤثرات.
وليس هذا بميسور لشعراء العصر الواحد، وكيفما كان نصيب هؤلاء فهو ولا جدال دون النصيب الذي يظفر به قراء جميع العصور.