الزعماء إلى إثارة النخوة في صدور الشعب بتسمية الحرب الحاضرة (حرباً وطنية) وإحياء التراث الوطني في الأغاني والمواكب والمسرحيات.
وعمد ديوان التعليم إلى التفرقة بين الجنسين في المدارس الابتدائية والثانوية، مع حرص الماركسيين على إعلان المماثلة التامة بين الرجال والنساء في جميع الأعمال وجميع الكفاءات.
وقد سلم ولاة الأمر الروسيون في الملكية الصغيرة وسلموا في تفاوت الدرجات والأنصبة على حسب اختلاف الأعمال، وسلموا في معاملة الصناعات الفردية بغير النظام الذي يعامل به الأجراء في المصانع الكبيرة، ونشأت عندهم طبقات ممتازة في المعيشة تبعاً لامتيازهم في الوظائف المدنية أو العسكرية.
وكل هذا والروسيا بمعزل عن العالم يتخيل أبناؤها أن الإصلاح في ظل الديمقراطية مستحيل، وإن إنصاف العمال مع قيام رأس المال ضرب من الأساطير، فإذا ارتفعت الحواجز غداً وأبيح للروسيين السفر إلى أنحاء العالم وأبيح للأجانب السفر إلى روسيا فلا بد من تبدل الأحوال في أمد قصير، ولا بد من تغير النظر إلى حقائق الأمور. فإن الشيوعي الذي يعلم يومئذ أن الأمور تنصلح في ظل الحكم الديمقراطي، وأن العمال ينالون من خيرات الدنيا في البلاد الأخرى فوق ما ينالونه في الجمهوريات التي تسمى بجمهوريات العمال لن يثبتوا على توجسهم من الديمقراطية ولا يأسهم من صلاح الأمور على يديها، ولن يثبتوا على تعصبهم للشيوعية، ولا حصر الخير كل الخير في دعوتها، ولا سيما بعد التوسع في تطبيق مذاهب التأمين الاجتماعي وإنصاف العاطلين والعجزة والشيوخ، وشعور الروسيين حكومة وشعباً بضرورة التعاون بينهم وبين سائر الحكومات والشعوب.
والأرجح عندنا أن سياسة العزلة الروسية لن تدوم بعد الحرب بزمن طويل، ونعني بسياسة العزلة تصعيب السفر على الروسيين وتصعيب الدخول إلى الأرض الروسية على الأجانب، فإن قيام هذه العزلة لا يتاح لمن يريد، بعد تشابك المصالح وتواتر الأخبار والعلاقات من هنا وهناك، وبعد احتياج الساسة الروس إلى بسط قضاياهم السياسية، وتحصيل المواد الصناعية والسلع التجارية التي لا يستغنون عن توريدها والمبادلة عليها