للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وعقد الصفقات الطويلة أو القصيرة بشأنها، وربما أحس هؤلاء الساسة قبل غيرهم بضرورة التيسير في مسألة السفر من بلادهم والسفر إليها، لأنهم يأمنون بذلك معارضة المنكرين لكل تغيير في الأساليب الماركسية إذا وجب أن يغيروها ويقتربوا بعض الاقتراب من النظم الديمقراطية، فإنما يصعب الخروج على قواعد كارل ماركس لمن يجهل أعمال الإصلاح وأحوال العمل في البلاد الديمقراطية ويمتنع عليه أن يعقد المقارنة بينها وبين أعمال الإصلاح وأحوال العمال في الجمهوريات السوفيتية، فإذا تيسرت هذه المقارنة للمتعصبين المتعنتين لم تقم الحوائل الحاسمة دون التغيير درجة بعد درجة، ومرحلة بعد مرحلة حتى يتم التقارب والتوفيق بين أطراف المذهبين، أو بين أطراف المذاهب التي تتناول مسائل الإصلاح ومشكلات الاجتماع.

وقد كان من قوانين العدل المروغ منها عند الماركسيين أن تحرم الوراثة كما تحرم الملكية. ولكن تحريم الوراثة فيما نرى أدنى إلى الظلم والمفارقة من تحريم الملكية حيث كانت في المال أو العقار، لأن الحكومات والقوانين لن تمنع الإنسان أن يرث عن أبيه أمراضه وعيوبه وسوء العلاقة بينه وبين غيره، فليس من حقها أن تمنعه ميراث الخير الذي يصل إليه أو تقطع الصلة بينه وبين مساعي أبيه، وإذا كان للمجتمع حق في ميراث الفرد الغني فليس للمجتمع أن يجهل حق بنيه وبناته وأقرب الناس إليه.

فاليوم يرجع الشيوعيون إلى الاعتراف بالميراث والتوصية بعد الاعتراف بالملكية الصغيرة مدى الحياة، وإذا كانت الأملاك المنتجة للثروة لا تزال في الجمهوريات السوفيتية مستثناة من حيازة الأفراد فالديمقراطية نفسها لا تمنع استيلاء الدولة على هذه الأملاك، ولا تمنع مشاركة المجتمع في التركات الكبيرة بحصة تربى على حصص الأبناء الأقربين.

نعم إن الملكية الصغيرة في الجمهوريات السوفيتية تخالف الملكية الصغيرة في الأمم الديمقراطية، لأنها هناك أشبه بالحكر الذي يستغل بإشراف الدولة ولا يجوز لمن يستغله أن يتصرف فيه بالبيع أو الهبة أو التأجير، ولكنه - كائناً ما كان - أقرب إلى الديمقراطية منه إلى الماركسية في أساسها. فهو قد تجاوز منتصف الطريق في اتجاه الديمقراطية، ولا سيما بعد تسويغ التوصية والميراث.

وليست الشيوعية وحدها بالمذهب الذي يقترب في إبان الحرب - وبعد الحرب - من

<<  <  ج:
ص:  >  >>