(وإكراه الأنثى على تلبية إرادة الذكر لا يضير النوع ولا يؤذي النسل الذي ينشأ من ذكر قادر على الإكراه وأنثى مزودة بفتنة الإغواء، فهنا تتم للزوجين أحسن الصفات الصالحة لإنجاز النسل: من قوة الأبوة، وجمال الأمومة، ويتم للنوع مقصد الطبيعة من غلبة الأقوياء الأصحاء القادرين على ضمان نسلهم في ميدان التنافس والبقاء. . .
(وعلى نقيض ذلك لو أعطيت الأنثى القدرة على الإرادة والإكراه لكان من جراء ذلك أن يضمحل النوع ويضارّ النسل، لأنه قد ينشأ في هذه الحالة من أضعف الذكور الذين ينهزمون للإناث. . .!
(وكيفما نظرنا إلى مصلحة النوع وجدنا من الخير له أبداً أن يتكفل الذكور بالإرادة والقوة، وأن تتكفل الإناث بالإغواء والتلبية، بل وجدنا أن فوارق البنية قد جعلت السرور في كل من الجنسين قائماً على هذا الأساس العميق في الطباع. فلا سرور للرجل في إكراهه على مطلب النوع، بل هو منغص له، مضعف من لذة حسه. أما المرأة فقد يكون استسلامها لغلبة الرجل عليها باعثاً من أكبر بواعث سرورها، ولعله أن يكون مطلوباً لذاته كأنه غرض مقصود. بل هو في الواقع غرض مقصود لما فيه من الدلالة على توفق الأنثى إلى إغواء أقوى الذكور. ومن البداهات الفطرية أن تتظاهر المرأة بالألم والانكسار في استجابتها للنوع، لأنها تفطن ببداهتها الأنثوية إلى هذا الفارق الأصيل في خصائص الجنسين)
بمثل هذا المنطق المستلهم مباشرة من الحياة يسير العقاد في (هذه الشجرة) فيتحدث عن: (غواية المرأة، وجمال المرأة، وتفاوت الجنسين، وتناقض المرأة، وحب المرأة، وأخلاق المرأة، وحقوق المرأة، والجنس، والحب، ومعاملة المرأة) وهي الفصول التي تضمنها كتابه، ثم يختمها (بمقتطفات عن المرأة من كتب المؤلف) تتساوق مع آرائه التي أبداها في الكتاب، وتدل على عمق هذه الآراء في نفسه، وأصالتها في طبيعته، وأنها ليست وليدة الاطلاع وحده، ولا وليدة التجربة وحدها، ولكنها قبل هذا وذلك وليدة الطبع المستقيم، والفطرة السليمة، التي تستمد عناصر شعورها وتفكيرها من صميم الحياة والطبيعة.
ولولا أننا معجلون - لضيق الفراغ - لاقتبست هنا كثيراً من الفقرات الدالة على هذا كله في ذلك الكتاب، الذي أعده من أعظم ما كتب العقاد