للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولكن هنا ملاحظة جديرة بالتسجيل. ذلك أن العقاد في كتابه هذا إنما يتحدث عن (الأنثى الخالدة) وراء أوضاع المجتمع، ووراء أزياء الحضارة، الأنثى التي طعمت من الشجرة المحرمة - لأنها ممنوعة - وأغوت رجلها فأكل، والتي لن تزال تطعم من كل شجرة محرمة - لأنها ممنوعة - وتغوي رجلها فيأكل! وتأويل هذه الفتنة بالممنوع، وتأويل قدرتها كذلك على الإغواء هو الذي تكفل به بعض فصول الكتاب!

والعقاد مهيأ بطبيعته، لأن تتكشف له (الأنثى الخالدة) من وراء المرأة المتجملة، والأوضاع الطارئة. وهو القائل في كتابه (شاعر الغزل) عن طبيعة عمر بن أبي ربيعة:

(إنما تأتي خبرة ظرفاء المجالس من تقارب الإحساس بين المرأة وبين هذه الطائفة من اللاهين والمتغزلين، فهم يحسون كما تحس، أو على نحو قريب مما تحس، وهم يشبهونها بعض الشبه فيصدقون في الحكاية عنها، والتحدث بخوالج نفسها. وفرق بعيد بين هذا وبين الرجل الذي يعلم طبع المرأة وهو يخالفها في طبعها، ويستجيش ضمائرها، لأن هذه الضمائر تجاوبه مجاوبة الأنثى للذكر، فيعرف من مجاوبتها كيف تضطرب نفسها، وتتقلب هواجسها وخواطرها)

الرجل الأول هو عمر بن ربيعة، والرجل الثاني هو العقاد.

وإن هذه الاستجاشة وتلك الخبرة الناشئة عنها لواضحتان كل الوضوح في هذا الكتاب!

سيد قطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>