المخصصات الطائلة لابتكار وسائل التحسين والسرعة في الإنتاج. وتوفير المواد الخام واقتصاد الطاقة المستنفذة، وإن لم يكن لها مختبرها الخاص بها. تكلف علماء الجامعات القريبة بحل المشكلة الراهنة أو إجراء التجارب الضرورية. . وهي في كل هذا تقيد الباحث وتشترط حفظ البحث سرياً. فيحرم على الباحث أن يتصل بغيره من أنداده ويتبادل معهم الرأي والنقاش، وتمنعه أن يستعير كتابا من مكتبة ما خشية أن يشتم من مادة الكتاب رائحة البحث، تعقل لسانه فلا يصرح أو يقول. وتتمادى بعض الصناعات في هذا التكتيم والتستر، فترفض أن تجيب أي سؤال يتعلق بماهية البحث، أو عدد الباحثين في مختبراتها، أو مقدار المبالغ المكرسة للبحث، ولا تبوح بأسماء مديري المختبر فيها. ولا تعلن أخبار التحسين والكشف أبداً. . والصناعة التي تحيا في جو التزاحم والتنافس ترى أن هذا الكتمان حق مشروع لها، فهي لا تمول العلم إلا لتستغل نتائجه في التجارة والإحتكار، فلا قيمة لأي كشف تستطيع الصناعات المنافسة أن تقلده وتستفيد منه.
ولكن هذا التكتم خطر على العلم المجتمع، يعبث بمقدرات الأول، ويمنع المجتمع من النفع والكسب ويحصرهما في فئة جشعة محدودة: خطر على تقدم العلم لأن انقطاع العلماء عن المراسلة المتبادلة والتفاهم الحر يضاعف الجهود المضاعة لاكتشاف حقيقة واحدة في منشآت متعددة، والإتيان بثمر كثير. ويقطع التكتم عن العالم معين الخبرة والإيحاء الخارجيين اللذين كانا في ظروف ليست قليلة سبب الاكتشافات والاختراعات.
والأبحاث الآمنة جانب النقد والنقاش يخرج مبتورة ناقصة تضرب في طياتها الفوضى والترجيح، وخصوصاً عندما يكون مدير الشركة شخصاً لا يمت إلى العلم بصلة، كما هي الحال في أغلب الأعيان، يشيع التدجيل في البحث، ومع ذلك أخطار الخلق السيئ المتولد في نفس العالم، كالتنفس الدنيء على حقوق التسجيل وابتكار ما يساعد يد الشر ومعاول الهدم أن تعيث وتفسد وتدمر.
والخطر الأكبر يحيق بالمجتمع، فالصناعة تكره العالم على الصمت حتى تحتكر السوق وترفع الأسعار وتجني الأرباح. قد ظهر هذا الخطر أوضح ما يكون في عمليات التسجيل وصناعة العقاقير والأدوية. فهذه تصنع من مواد موفورة رخيصة، ولكن أسرار صناعتها الغامضة تجعل في إمكان الصناعات أن ترفع أثمانها ارتفاعاً فاحشاً بحيث تسمح للمرض