أن يزهق أرواحاً لا تعد ولا تحصى لأنها لا تجد لديها ثمن الدواء.
وتتصرف الصناعة بالمكتشفات السرية كما يروق لها، فمنها ما يقتل في المهد، ومنها ما يوضع على الرف، ومنها ما يطبّق في وقت متأخر مهما تكن حاجة المجتمع لها ماسة بالغة. وفي كثير من الأحيان ترفض الصناعة مبدأ التحسين قطعاً لئلا تموت الصناعة فلا يسمح مثلاً بتحسين مصابيح الكهرباء أو صمامات الراديو أو شفرات الحلاقة إلا ضمن نطاق مخصوص. لأن التحسين يقلل الاستهلاك والتلف فتقل تبعاً لذلك الأرباح، ولاهم للصناعة إلا أن تغمر الأسواق بالبضائع الرائجة سواء طالت خدمتها أو قصرت.
وكذلك يسيء هذا التكتم للصناعة أن تهمل التفكير بخدمة المجتمع، وتطيع قوانين المباراة التجارية قبل كل شيء آخر. وعندما تأمن ضغط المباراة التجارية كأن تعقد الشركات العامة في حقل واحد الاتفاقات بينها على تبادل البحوث واتحاد الآراء وتوحيد الأسعار، وإدخال التحسين في المصانع على نسق واحد وفي وقت واحد. وبذلك يكون هذا التكتم استغلالا بشعاً لطاقة العلماء الذهنية ومال الجمهور المستهلك
لذلك قرر مجلس جامعة كمبردج في فرصة ماضية أن تعلم العمدة بكل كشف جديد، فإن رأت أن تطبيقه يزيد في رضاء المجتمع وسعادة الأفراد، سمحت للصناعة باستغلاله واستثماره، وإن رأت غير ذلك استعملت سلطتها القانونية في كبته وقتله قبل أن تشتريه الصناعة وتفيد به، ويؤسفنا أن نقول إن النظام الرأسمالي السائد لم يسمح لهذا القانون أن يتنسم روح الحياة.
وإليك ما رد به العلامة رومور على الذين لاموه على كشفه النقاب عن أسرار صناعة الفولاذ وفضحه هذه الأسرار بعد أن مكثت سراً مكتوماً على طول الأجيال السابقة قال: (لقد وجهت إلي انتقادات متضاربة بعد اجتماع الأكاديمية، وإني لا أجد في نفسي نزوعاً قوياً للرد عليها. استغرب المنتقدون أن أفشي أسراراً كان يجب أن تبقى مكتومة محصورة في الشركات التي تستثمرها لمصلحتها أولاً ومصلحة الوطن ثانياً. . . ولكن ألا يتبرأ هذا الشعور من النبل ويناقض روح العدل الطبيعي. .؟ ومن أين لنا أن تكون مكتشفاتنا ملكاً خاصاً لنا بحيث لا يكون للمجتمع أي نصيب فيها؟! إن واجبنا الأول المهم أن نساعد المجتمع ونسعى للمصلحة العامة. . . والشخص الذي يكون بمقدوره أن يفعل خصوصاً