وينفق على حملاته، وكانت هذه الحملات تأخذ دائماً ولا تعطي شيئاً، وجرت الأمور معكوسة، وأثقلت الديون كاهل إسماعيل، وذهبت فكرة (الوحدة الأفريقية) كما يذهب أمس من اليوم، مضت وكأنها لم تكن. . .
فآمال محمد على، وآمال إسماعيل من بعده إنما كانت هزات سياسية، ونزعات إلى التآلف والوحدة في ظل القوة والفتح والاستعمار، فانتهت بانتهاء الظروف التي لابستها، ولم يكن لها أثر إيجابي في النفوس، ولم تنحدر إلى العقول والقلوب عقيدة لها أشياع وأتباع، ولكنها خلفت وراءها أثرين متقابلين، وتيارين متضادين، أحدهما في الشرق، وهو تنبه الأذهان، وتفتح الأفهام، والطموح إلى حياة المجد والاستقلال، والتميز الشخصي بين ممالك الإمبراطورية العثمانية، وثانيهما في الغرب، وهو تنبه المطامع ويقظة المآرب في نفوس الدول الغربية المتحفزة لوضع يدها على تركة الشيخ المريض، والقيام مقام الدولة العثمانية المتداعية على أقطارها في الشرق. . .