النهار ولمدة طويلة، وهذه هي الطريقة التي يتبعها في أمريكا وهي كثيرا ما تفيد في بعض الأحوال، لأن التمييز إذا عارض الفكرة الموحى بها في أول الأمر لا يلبث أن يتعرض لها بنقض أو شك فيما بعد فتصل في النهاية إلى اللاشعور وهو مركز التخيل كما قدمنا حيث تخرج منه حقيقة واجبة التنفيذ.
أما الإيحاء بالتنويم فلا شك أن الفكرة الموحى بها تصل إلى اللاشعور دون أن يقف في طريقها أي حائل. ذلك لأن النائم يعتقد في المنّوِم القدرة الفائقة والإرادة القوية، وهو لذلك يأخذ منه الأفكار دون أي مناقشة أو شك فينفذها الشعور بعد قيامه من النوم في الوقت المناسب. وهذه الطريقة ينطبق عليها ما سبق أن تكلمنا عنه بصدد الإيحاء بطريقة كوويه. أي أن الأعراض تختفي لأجل أن يظهر غيرها، وأن الضمير يشتد في الضغط على رغبات الإنسان اللاشعورية بدل أن يسمح لها بالمثول أمام الشعور والتمييز لمناقشتها. هذا إلى أن شخصية النائم تصبح ضعيفة تتأثر بأي فكرة يوحيها أي إنسان، لأن اللاشعور عنده قد كبر على حساب عقله المميز.
أما قيمة الإيحاء العلاجية فإنها تظهر من استعراض بعض حالات تمكن كوويه من شفائها شفاء تاماً. ومن الغريب أن بعض هذه الأمراض لا يمت إلى الأمراض العصبية بصلة ما. مثال ذلك أنه تمكن من شفاء صبي عنده التهاب في عضلات القلب وهبوط قلبي يئس أطباء مشهورون من شفائه. وقد تمكن أيضاً من شفاء النزلة الرحمية والنزيف بالإيحاء، ولنذكر القصة الآتية التي تكلم عنها البروفسور بودوان. فقد حدث أن مريضاً يشكو من نوبات ضيق التنفس بات ليلة في فندق وانتابته النوبة ليلا فقام فزعاً يريد فتح النافذة يلتمس منها هواء نقياً ولكنه بسب الظلام وللحالة النفسية التي كان بها إذ ذاك لم يتمكن من العثور إلا على لوح زجاجي تخيله جزءاً من النافذة فضربه بيده وكسره، وعند ذلك ذهبت عنه النوبة ونام مستريحاً. وعندما تيقظ في الصباح وجد أن خادم الفندق كتب له ورقة بأن عليه أن يدفع ثمن زجاجة ساعة الحائط التي كسرها. إذن فالذي أنقذه من نوبته ليس دخول الهواء النقي بل هو مجرد تخيل دخول هذا الهواء، لأنه كسر زجاج الساعة بدلا من أن يكسر زجاج النافذة. وقد ذكر الأستاذ بودوان أيضاً أن زوجة رأت وهي حام إصبعاً قبيحة الشكل فاستاءت منها وأصبحت صورتها لا تفارق مخيلتها فوضعت هذه الزوجة طفلا