يشرب زجاجة كاملة من النبيذ ثم جذب إليه قطعة من فطير اللحم واستخرج ما حشيت به وقضم منه قضمة فخيل إليه أنها خالية من الملح فرش عليها الملح رشا وما لبث أن دفعها بعيداً إذ أصبحت الفطيرة غارقة في الملح. . .
وفي أثناء الغداء كان سيسوييف يجلس بين المفتش وبروني وبدأ شرب الانخاب حسب العادات المتبعة. فبدأ المفتش بقوله:(إنني أعتبر من واجبي أن اقترح عليكم شكر اللذين أخذ هذه المدرسة تحت كنفهما وإن كانا لم يحضرا هذا الاجتماع وأعني بهما دانيال بتروفيتش و. . . و. . . و. . .) فقال بروني يلقنه (وايفان بتروفيتش)
(وايفان بتروفتش كوليكين الذين لاياكلون جهداً في سبيل المدرسة وأقترح أن نشرب نخبهما. . .)
فنهض بروني واقفاً كالملدوغ وقال (أنا من جانبي أقترح أن نشرب نخب مفتش المدارس الأولية بافل جينادييفتش ناداروف! فنهض المدعون وأزاحوا كراسيهم وبداوا يقرعون الأكواب وكان النخب الثالث دائماً من نصيب سيسوييف. وبهذه المناسبة نهض واقفاً ثم أخذ يلقي كلمته بعد أن أتخذ سماء الجد وتنحنح. . . وقد بدأ كلمته بقوله إن الله لم يمن عليه بموهبة البلاغة وإنه لم يكن مستعداً للخطابة. ثم قال إنه في خلال الأربعة عشر عاماً التي قضاها ناظراً للمدرسة كانت هناك دسائس تحاك وأياد تلعب في الخفاء. بل وصل الأمر إلى حد كتابة تقارير سرية إلى السلطات التي بيدها الأمر. وقال إنه يعرف أعداءه الذين أدلوا بمعلوماتهم ضده ولكنه لن يذكر أسماءهم (حتى لا يفسد شهية أحد) وأنه برغم هذه الدسائس فإن مدرسة كوليكين كانت الأولى في المنطقة كلها (ليس من الناحية الخلقية فحسب بل من الناحية المادية أيضاً).
ثم قال (في كل مكان آخر يتناول النظار رواتب تتراوح بين مائتي روبل وثلثمائة بينما أتناول أنا خمسمائة روبل، وعلاوة على هذا فقد أعيد تقش منزلي وأثث على حساب المصنع وفي هذا العام غطيت الجدران بالورق. . .)
وأخذ الناظر بعد ذلك يتحدث عن كرم المصنع في تزويد التلاميذ بأدوات الكتابة بالنسبة لمدارس الحكومة. وقال إن المدرسة مدينة في كل هذا لا إلى رؤساء المصنع الذين يقيمون على بعد ولا يزورونها إلا نادراً، وإنما إلى الرجل الذي برغم كونه ألماني العنصر وعلى