ومرت لحظة قصيرة هدأ خلاها الرجل، ولكن المجتمعين لم يعودوا إلى مزاجهم الأول. وانتهى الغداء في صمت حئيب، وفي وقت أسرع من كل المرات السابقة.
وحين عاد سيسوييف إلى المنزل ذهب تواً إلى المرآة ثم قال في نفسه وهو ينظر إلى خديه المترهلين وعينيه اللتين تحيط بهما هالة سوداء (حقا. لم يكن ما يدعوني أن أبكي كل هذا البكاء! إن وجهي اليوم خير منه بالأمس. وإن ما أعانيه هو الانيميا والزكام الناشيء من المعدة. وسمالي ناشيء من المعدة). وخلع ملابسه وقد عاد إليه اطمئنانه وقضى وقتاً طويلاً ينظف بالفرشاة بذلته الجديدة السوداء ثم طبقها بعناية ووضعها في مكانها. ثم ذهب إلى المكتب حيث تراكمت كراسات التلاميذ فأخرج من بينها كراسة بايكين وجعل يتأمل في جمال خطه. . .
وفي الوقت ذاته - بينما كان هو يفحص كراسات التلاميذ - كان طبيب المنطقة يجلس في الغرفة المجاورة ويهمس في أذن زوجته أنه لم يكن يجوز أن بيح الذهاب إلى حفلة غداء لرجل لايحتمل أن يعيش أكثر من أسبوع.