كتاب الدر الملتقط في علم فلاحتي الروم والنبط فقال. أما الجراد والجندب فيدخن مع جري الهواء بقصب القنة والقنب والكبريت وعظام الهداهد والسلاحف والتبن، ويرش على الشجر ما قثاء الحمار والترمس والملح بعد طبخه. أو يطبخ قشر الطلع بالماء حتى يخرج قوته ويرش الشجر والزرع به. ثم قال ويدق الشبوينز أي الحبة السوداء ويريب ببول الجمال على نار هادئة كذلك سبعة أيام ثم يرش ماؤه على الزرع والشجر فإنه يهلك الجراد والزنابير والزراريح وغيرها. ثم قال: وإن كان الجراد فرخاً فلتحفر له الأخاديد ثم يساق إليها ويحرق فيها أو إلى حفائر عميقة أو ابيار معطلة أو تنصب قدور كبار فيها ماء حار يلقي فيها أولاً بأول ليلاً ونهاراً.
غارات الجراد الحديثة
هذا ما أمكنني العثور عليه في مخلفات العرب عن الجراد ومقاومته. أما عن غارات الجراد في العصور الحديثة في الشرق الأوسط فأقول إن من الذين تكلموا عنها بمصر من الحديثين هو الرحالة بورخهاردت وهو سويسري كريم المحتد أرسلته إحدى الجمعيات الإنجليزية في رحلة علميه لبلاد الشرق الأوسط في عهد محمد علي فمكث بالشام عامين جاء بعدها إلى القاهرة عن طريق سينا ثم توجه صعدا إلى أسوان فوادي أم جات المتفرع من وادي العلاقي حيث شاهد أسرابا من الجراد الشره يلتهم أوراق أشجار السيال وفروعه الغضة ثم سار في وادي الطرفاوي وبه الكثير من أشجار الدوم والطرفا ونبات السنامكي ورأى أسراب الجراد تجردها من أوراقها وفروعها الغضة. ومنهم كذلك المسيو بوفيه وهو فرنسي استقدمه المرحوم الحاج إبراهيم باشا نجل محمد علي الكبير ليكون مديراً لمزارعه وحدائقه وقد أرسله في بعثة زراعية إلى بلاد اليمن وسينا وفلسطين، فلما توجه إلى سينا وصل إلى دير سانت كاترينا في أول يونية سنة ١٨٣٢ فرأى قرب جبل سينا سحابة عظيمة من الجراد من نوع قال عنه إن قريب من ايدوبودا ميجراتوريا فالتهمت ما في طريقها من عشب الأرض وأشجارها فلم تبق ولم تذر.
ولم تتعد أخبار الجراد ما يقوله المسافرون والرحل عنه. فلم تعن الحكومات بأمره إلا من عهد قريب. وبلادنا بلا فخر من أسبق المماليك في دراسة أحواله والمبادرة إلى مكافحته ولعل أول مجهود حكومي في ذلك هو ما فعلته حكومتنا في غارة سنة ١٨٩١ وإليك ما قاله