عنها المرحوم ميخائيل بك شاروبيم في الجزء الرابع من كتابه (الكافي): -
وردت أخبار من بعض مديري الإقليمين القبلي والبحري على ديوان الخديوي وديوان الداخلية بظهور الجراد في جهات الصالحية والزنكلون وتل حوين من بلاد الشرقية. وأهوى وباروط وآها من بلاد مركزي النجيلة والدلنجات واليهودية وقبور الأمراء بالبحيرة وطود ودماريس والبرجين والأخصاص وغيرها بمديرية المنيا وأكثر بلاد القليوبية والمنوفية. وكسا أراضي الجزيرة بالبر الغربي من القاهرة، وكان ظهوره في أخريات رمضان فخاف الناس شره واهتمت الحكومة بأمره اهتماما عظيما وأرسلت إلى سائر المديرين والمحافظين بالتشديد على قطع شأفته فجدوا في تأثره، وكانت الأخبار ترد تباعا بتكاثره وانتشاره شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وفتكه بكل ذي خضرة من النبات والشجر والنخيل، وظل الحال على ذلك أياما والناس في دهشة وحيرة حتى أذن الله سبحانه بان هبت ريح في أخريات شوال سنة ١٣٠٠ هـ ورياح مختلفة بعضها من الشرق وبعضها من الغرب ولبست على اشتدادها أياما فاكتسحته وحملت بعضه إلى الحوف الشرقي وبعضه إلى الجبل الغربي ولم تترك منه إلا القليل في البلاد والقرى التي نزل عليها فأباده أهلها بضرب العصي وسعف النخيل وجدوا في جمع بيضة وفرضت الحكومة قرشين لمن يأتي بأقة من بيضه، فتسابق الناس إلى البحث عن مواطنه وإخراجه منها فكان أكثره في مركز النجيلة بالبحيرة وفي الجبل الغربي وسواحل البحر وفي الفشن بمديرية المنيا.
ومن غريب ما نقل عنه أن سحابة منه نزلت على مزرعة قطن بإحدى بلاد المنوفية فأكلتها وما أتت على آخرها حتى ماتت جميعها فجاءت أخرى إلى مزرعة في جوار المزرعة الأولى فلما رأت ما أصاب الأولى فرت من النزول على شجر القطن وتحول ضرره إلى الأشجار والنباتات الأخرى. وأخبر جماعة من تجار المنوفية مديرها وحلفوا له الأيمان المغلظة بأنهم شاهدوا في بلاد مركز أشمون جريس طيراً كثيراً جداً أقرب شبها بأبي قردان ولكنه أطول منقارا وقد ترك الجبل أسراباً أسرابا واخذ يتتبع الجراد أينما وجده ويكبس عليه ويزدرد منه ألمئين والألوف ثم يتقياه ميتا وهكذا فلا يرحل عن البلد أو المزرعة إلا وقد أفنى ما فيها من الجراد وأباده، وأن بعض الجهلاء من الفلاحين كانوا يخافون من ذلك الطير فيرجمونه بالأحجار وهو لا يلتفت إلى ذلك ولم يثن له عزما. قلت