(ما رأيك ياجيزيل؟ هل اللون صفة من صفات التصوير أو النحت؟)
فأجبته:(من صفات التصوير طبعا).
فقال:(حسن. انظر إلى هذا التمثال). قال ذلك ثم رفع يده بالمصباح إلى أعلى ما يستطيع لكي يلقي بكل الضوء على صدر الدمية ثم قال:
(انظر إلى الأضواء القوية التي على الثديين، وإلى الظلال الثقيلة التي في ثنايا اللحم، ثم إلى هذه الصفرة الباهتة، ثم إلى تلك الألوان الأثيرية التي تخفق على أدق أجزاء هذا الجسم المقدس، ثم إلى تلك الأجزاء المظللة بظلال خفيفة حتى لتبدو كأنها تذوب في الهواء وتندمج فيه. ماذا تقول في كل ذلك؟ ألا يخيل إليك أنها قطعة موسيقية مؤلفة من الأبيض والأسود أو من الأضواء والظلال؟)
(وربما بدا لك في قولي بعض التناقض الظاهري إذا ما قررت بأن المثال العظيم لا يقل مهارة في فن الألوان عن أكبر المصورين، بل عن أكبر الحفارين وذلك لأنه يتفنن بكل حذق في كل ضروب التمثيل البارز وصنوفه، ويمزج حدة الضوء بهدوء الظل فتجيء قطعة سارة ممتعة كأجمل الرسوم المنقولة عن ألواح النحاس
والآن - وقد ازدت أن أصل بحواري إلى هذه النتيجة - أقول إن اللون هو زهرة التمثيل الجميل، وإن اللون والتمثيل صنوان لا يفترقان، وهما اللذان يسبغان على كل قطعة خالدة من أعمال النحت ذلك المظهر الوضيء للجسم الحي).