ومثلها:(صناعات دمشق) و (تجارة دمشق). ثم يفرد المؤلف فصلا عن (غوطة دمشق) لأن لهذه (الغوطة) شأنا خاصاً وفي هتافات الشعراء بنوع خاص.
أما كتاب بغداد فتسير عنواناته على النحو التالي:
(بغداد) ويشمل بحثا عن معنى الكلمة وتاريخها. (خبر بنائها. سبب الاختيار. البدء بالبناء) ثم (شذرات من سجايا البغداديين وشمائلهم) ثم (شذور من أقوال أهل الفضل فيها نظما ونثرا). ثم (خلاصة التاريخ السياسي لبغداد) مقسما إلى ثلاثة أبواب لكل باب فصول تتمشى مع تمشي الزمن إلى اليوم. ثم تاريخ عمارة بغداد ويسميه المؤلف (الخطط والآثار) فإذا انتهى من تعدادها وبيان أماكنها تحدث عن (الحياة العقلية) مقسمة إلى (العلوم الشرعية) و (العلوم الكونية) و (العلوم اللسانية) مع فصل كل منها عن الأخرى وتنبع خطواته. ثم إذا انتهى تحدث عن (الشعر والشعراء) في عجلة واختصار.
هو نهج واحد سار عليه المؤلفان، الاختلاف فيه هو اختلاف الأداء واختلاف المستوى. ولكنه ليس اختلاف النهج ولا اختلاف الطريق.
وهو نهج لا نوافق عليه في الكتابة عن (المدن) في هذا الزمان. وإن لم ننكر ما يفيد منه القارئ العجلان من بعض (المعلومات).
أقول (المعلومات) وهي كل ما يضطلع هذا النهج بتقديمه للقارئ. ولكنها معلومات مبعثرة بعثرة هذه العنوانات التي أسلفها. مسوقة بطريقة بدائية في التأليف إذا قبلناها من مثل صاحب (تاريخ بغداد) و (خطط المقريزي) و (تاريخ ابن الأثير) وسواهم في الزمن القديم، فلسنا نقبلها من مؤلف عربي في القرن العشرين؛ نتطلب منه أن يخطو خطوة وراء (المعلومات) المتناثرة. خطوة التنسيق الفني. وخطوة (التشخيص) والإحياء.
أقول (التشخيص) وهو أفضل مناهج الكتابة عن (المدن) في هذا الأوان. . .
فالمدينة يجب أن يكتب عنها كما يكتب عن (الشخص) الحي، والشخص الحي وحدة تنمو كاملة بمرور الأيام، ولا تنمو أجزاء وتفاريق. لا ينمو جسم (الشخص) الحي وحده، وينمو عقله وحده، وتنمو نفسه وحدها. وإذا تحدثنا عنه فلسنا نبدأ بنموه الجسمي فنتحدث عنه من مولده إلى وفاته. ثم نكر راجعين إلى عقله من البدء للنهاية. ثن نكر للمرة الثالثة إلى نفسه على التوالي. إنما نحن نتناول مراحل حياته فنسجل مظاهر النمو في كل قواه التي لا