ونحن معشر المسلمين والعرب خاصة لا يمنعنا مانع أن تؤمن بكل ما يتكهن به المتكهنون عن نتائج هذه الحرب وتطور شؤون البشر بعدها، إذ أن التطور من قدر الله سبحانه له فيه حكمة ومصلحة لعباده، كما أن السلم الدائم من صنع أقطاب السياسة المسيطرة: لهم ولنا وللأمم كافة فيه الأمن والصلاح والإسعاد.
ولكن هل ننام معشر المسلمين والعرب على هذه الفكرة البراقة، ونتعلل بها مطمئنين مستسلمين؟
إذا لم يمكنا درء التطور غير الملائم لنا، أفلا يمكننا تلطيفه وتحويل مجراه إلى ما فيه صلاحنا وسلامة إسلاميتنا ولغتنا؟
فكر ملوكنا وكبار زعمائنا بأمر الوحدة العربية، وتسييجنا بها، فنعما فعلوا، وإن فعلهم هذا من نوع تلطيف القضاء وتخفيف وقعه وتوجيهه إلى توفير مصلحة العرب السياسية والقومية
أفلا يفكر غيرهم من العاملين المسئولين فيلطفوا التطور المتوقع حصوله في الدين واللغة، ويوجهوا إبرة بوصلته إلى ما فيه حفظ لدينهم وسلامة للغتهم؟
والتطور الفكري في الدين وإصلاحه أمر خطر وخطير في آن واحد، ولا يمكن التعرض له في موقفنا هذا بأكثر من قولنا: إن في المتطرفين من المثقفين المسلمين من يرى ضرورة تقضي بفصل الدين عن الدنيا، وآخرون منهم لا يرون هذا الرأي وإنما هم حريصون على العمل بالاجتهاد في الدين كما كان يجتهد الأولون من السلف عندما تتوفر فيهم شروط الاجتهاد، ويزعمون أن هذه الشروط اليوم ممكنة الوجود في مجموعة من الأفراد، لا في الفرد الواحد. وهذا الفريق لا يبعد عن روح الدين الإسلامي كما بعد الفريق الأول وإن كان معظم رجال الدين اليوم لا يرون فتح باب الاجتهاد.
وهناك فريق ثالث يرى التعجيل بعملية (التصفية) وخلاصة ما يقال في وصف هذه العملية أن ينحى إلى جانب من مسائل الدين وأحكامه ودراساته ما لا يمكن تطبيق نصوصه ولا العمل به في عصرنا الحاضر، فهو مرجأ إلى أن يأذن الله بعودته، مثل معظم أحكام الجهاد والرق والعتق وإقامة الحدود إلى غير ذلك مما أصبح عبئاً على عاتق الثقافة الإسلامية التي تضطرها الظروف القاهرة إلى التخفف منه كي تنشط وتتمكن من لحاق من سبقها في