بأذنين. . . وهما لا يسمعان إلا ضجيج الطبل ورنين الدينار والكأس أما الهمس النافذ الدائم حاسة أخرى تكاد تكون مفقودة عند الأكثرين. . . الإنسان بين المهد واللحد، بين السرير والنعش، بين القصر والقبر؛ ولا يسأل ما هاته العجائب المتضادة التي ما جاء للحياة إلا ليدركها أو يحار فيها. . .
أحاول بهذه الكلمات أن أضخم هذه الهمسات حتى يسمعها الذين لا يسمعون إلا بالأذان، وأن أشق لها طريقها بين ضجيج الحياة. . . فلقد امتلأت الآذان بالصخب والزئاط والعياط حتى تصدعت الرءوس، وشاقها أن تسمع بعض الألحان الخافتة التي تفتحت عليها آذانها، وهي في مهد الحياة كما يشوق الرجال أن يستعيدوا الألحان والأهازيج التي سكبتها الأمومة في آذانهم. . .
وقد رأيت الآداب والفنون توشك أن تنساها وتجهل أقدارها وتغفلها إغفالا، وشغلت بضجيج الطبول وأشكال الفقاقيع الفانية وأحاديث الأسمار والمخاصمات والمتاجرات في الحطام والشهوات. . .
جامع أزهار
أنا جامع أزهار من حديقة الله. وكثيرون مشغولون بجمع احطابها وأشواكها.
فلا عجب أن أكون متفائلا مبتهجاً نتيجة ما توحيه بهجة الأزهار. . .
ولا عجب أن آخذ منها وجهها الرفيق الباسم الملون بألوان جميلة. والذين أخذوا أنفسهم بجمع احطابها وقشورها وأشواكها لا شك قد ورثوا من ذلك قسوة وعبوساً وعنفاً وتشاؤماً وغفلة عن العناية بنواحي الجمال والفن فيها.
فاللهم اجعل حظي دائماً جمع أسرارها من أزهارها وثمارها وجنبني أشواكها وعبوسها. . .!
قلوب مفتحة وقلوب مغلقة
من الذي له عظمة الله ورحمته ولطفه وجبروته وكبرياؤه، وهو مع ذلك يحتفى بكل مخلوق من رعيته، ويضع عينه عليه ويمنحه ويرشده؟!
إنه يزور ضمير كل إنسان قي جميع الأحيان. . . فالمخلصون له المترقبون لجلاله،