(الفكرة)، بعباراتها المذكورة في المقدمة بعد أن كشفت لي دراستي للموضوع عن صحتها، ومهدت لي سبيل استخلاصها. وهذا هو أقصى ما يمكن أن تصل إليه المحافظة على اطراد السياق وربط أجزاء الموضوع بعضها ببعض، ويصل إليه الحرص على اتفاق نتيجة الدليل مع نفس القضية التي جعلت موضوعاً للاستدلال. وقد كان لي في منهج علماء الرياضة أسوة حسنة في هذا السبيل. فقد جرت عادة الرياضيين في علاجهم لنظرياتهم أن يعرضوا أولاً نص النظرية التي يريدون دراستها، ثم يأخذون في الاستدلال على صحتها، حتى يصلوا إلى نتيجة تتفق في عباراتها اتفاقاً تاماً مع نفس هذا النص.
والموضوع الثاني الذي تعمدت فيه التكرار لشدة المحافظة على ربط أجزاء الكتاب بعضها ببعض يلاحقه القارئ في عرض طائفة من النظريات التي قال بها علماء الاجتماع. وذلك أن بعض هذه النظريات تشتمل على حقيقتين أو على حقائق كثيرة يرتبط بعضها ببعض ارتباطاً وثيقاً، ولكنها تتصل بموضوعات عرضت لها في عدة فصول من الكتاب؛ فاضطررت حيال كل نظرية من هذا النوع إلى تكرارها كاملة في فصلين أو أكثر مع عنايتي في كل فصل بالناحية التي تهم موضوعه منها وذلك كنظرية (ماك لينان) التي يذهب فيها إلى أن نظام قتل الأولاد في الأمم البدائية قد أدى إلى تحريم التزاوج بين الأقرباء وإلى اصطناع طريقة السبي في الزواج. فلما كان موضوع المحارم قد عرضت له في القسم الأول من الفصل الثاني وموضوع السبي قد عرضت له في القسم الثالث من هذا الفصل، وكانت نظرية (ماك لينان) تتصل بكلا القسمين، وتتوقف عناصرها بعضها على بعض اضطررت إلى تكرارها فيهما، مع اقتصاري في كل قسم على مناقشتها من الناحية التي تهم موضوعه.
وأما ورود بعض الأسماء في كتابي بألقاب مختلفة، فلا أرى في ذلك موضعاً للمؤاخذة متى كانت هذه الألقاب صحيحة، كما لا أرى فيه دليلاً على ما ظهر للأستاذ العقاد. فقد ذكرت (فريزر) مرة بلقب العلامة، ومرة بلقب العلامة الإنكليزي، ومرة بلقب الأستاذ، وجميع هذه الألقاب صحيحة لأن فريزر أستاذ علامة إنجليزي. وفعلت مثل ذلك بصدد مرجان ووستر مارك وباخوفين ودور كليم وماك لينان. . . وغيرهم ممن ورد ذكرهم في عدة مواطن من الكتاب. وقد يكون بعض الألقاب مقصوداً استعماله بالذات في مواطن ما لغرض يدل عليه