للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عين، كجرثومة ضعيفة تنفذ إلى جسم منيع).

ولا تقل الحقيقتان الأخيرتان أهمية في نظري عن الحقيقة الأولى، بل إنهما لتزيدان عنها أهمية من الناحيتين العلمية والإصلاحية كما أنني لم أعن بواحدة منها أكثر من عنايتي بما عداها. ولا يظهر في الكتاب أي أثر لترجيح بعضها على بعض.

ومن ذلك أيضاً أنني ذكرت في الفصل الأخير من الكتاب لتأييد الحقيقة الأولى المشار إليها فيما سبق، أثني عشر دليلاً متماسكاً مترابطة يشد بعضها بعضاً، وتقضي في مجموعها على كل منفذ يتسرب منه الشك إلى هذه الحقيقة. وقد استخلصت هذه الأدلة استخلاصاً من دراستي لموضوع الأسرة، وذكرتها تحت أرقام مسلسلة، ولكن الأستاذ العقاد قد اقتصر على نقل فقرة واحدة من الدليل الأول وحده، وذكر هذه الفقرة في صورة يتبادر منها إلى ذهن القارئ أن هذا هو كل ما اعتمدت عليه. ثم ناقشها ورأى إنها لا تنهض حجة على تأييد النظرية التي أزيد تأييدها، وبني على معظم ما ذكره في مقاله.

وغني عن البيان أن بنياناً يقوم على اثنتي عشرة دعامة يأخذ بعضها بحُجَز بعض، ويشد بعضها بعضاً، يبدو ضعيفاً واهياً إذا لم يبق من دعائمه هذه إلا جزء من دعامة واحدة، ولا يحتاج هدمه في هذه الحالة إلى كبير عناء؛ وإن حكما بناء القاضي على اثني عشر سبباً تدل عند ضمها بعضها إلى بعض على صحة ما جاء به، ليبدو حكماً فطيراً ضعيفاً إذا لم ينشر من أسبابه هذه إلا فقرة من سبب واحد.

فلو أن الأستاذ العقاد قد ذكر جميع الأدلة التي أوردتها أو لخصتها لاتضح وجه الحق فيما أذهب إليه. بل لو أنه ذكر الدليل الأول وحده كاملاً لظهرت النظرية في شيء من قوتها.

أما النظرية التي ذهب إليها الأستاذ العقاد بصدد الدعائم التي يقوم عليها نظام الأسرة، وهي النظرية التي عارض بها نظريتي والأدلة التي أعتمد عليها لتأييد هذه النظرية فتحتاج مناقشة هذا كله إلى مقال طويل نرجئه إلى عدد قادم إن شاء الله، مع تكرار شكرنا للأستاذ الجليل لما قدمه إلينا من فضل، وما أتاحه لنا من فرصة للتحدث في هذا الموضوع الهام على صفحات الرسالة الغراء.

علي عبد الواحد وافي

دكتور في الآداب من جامعة باريس

<<  <  ج:
ص:  >  >>