وعلاج هذه الحالة ما رآه بعض المفكرين من إنشاء (المجمع اللغوي) الذي يضم قادة الفكر من علماء الأقطار العربية، وبعض المستشرقين، ومن أغراضه وضع المصطلحات العربية للألفاظ الأجنبية المستحدثة التي لم يضع لها العرب ألفاظاً.
وقد مضى على إنشاء المجمع زمن ليس بالقليل، ومع ذلك لا يزال سلطانه ضئيلاً، وآية ذلك أن العلماء يمضون في سبيلهم يضعون ما يعجبهم من اصطلاحات ولا يعترفون بما يفعله المجمع، فما السبب في ذلك؟
يرى الدكتور علي مصطفى مشرفه بك في كتابه (نحن والعلم) أنه ينبغي البدء بالنقل وتشجيع التأليف العلمي لإيجاد المصطلحات قال: (والتأليف العلمي هو الوسيلة الطبيعية لإيجاد هذه المصطلحات في لغتنا. فكل لغة حية إنما تنمو عن طريق التأليف والكتابة. واللغة العلمية وليدة التفكير العلمي، والمصطلحات العلمية في اللغات الأوربية إنما نشأت بهذه الطريقة، ونتجت عن نمو العلم والتأليف. ومن العبث أن يقوم مجمع بفرض المصطلحات على المؤلفين فرضاً، وإنما تأتي مهمة المجامع بعد مهمة المؤلفين لا قبلها، فالمجمع اللغوي يجمع ما ورد في الكتب العلمية من مصطلحات ويدونها ويفسرها.) ص١٥، ٢٤
فما رأى أعضاء المجمع في هذه الدعوى التي يريد بها صاحبها أن يغلق أبواب المجمع اللغوي؟
ونحن نرى أن المجمع اللغوي بحالته الراهنة لا يستطيع أن يخدم اللغة العربية من جهة المصطلحات العلمية الحديثة، لأنه في واد، والمؤلفين والمترجمين في واد آخر. والواجب أن يتقرب المجمع من الجمهور ومن المشتغلين بشتى فروع العلم، وأن يتصل المؤلفون والمترجمون بالمجمع. وسبيل ذلك ما يأتي:
١ - إصدار مجلة المجمع بصفة جدية، على أن يكون إصدارها أسبوعياً في صفحات قليلة وتخصص للمصطلحات العلمية فقط؛ وأن تتخذ الصفة التجارية، من حيث الحجم والطباعة والإخراج والثمن والتوزيع، ولا بأس أن يدفع أجر لكل من يراسلها من المؤلفين والمترجمين، كما تفعل جميع المجلات. أما الاعتذار بصعوبة الحصول على الورق فأمر غير مفهوم.