أخرى من تلك التغييرات الظاهرية، والتبديلات الجوفاء التي أضافت إلى جمود الروح المدرسي عبئاً آخر من فوضى التغيير الظاهري والعبث بالاستقرار الحقيقي حتى ضج من ذلك المعلم والمتعلم. وكم نادينا على غير جدوى بأن المشكلة الحقيقة ليست في المناهج والخطط ولكنها في نظم الدراسة وروحها ومعلميها. ثم زاد الحالة سوءاً بعد ذلك ما كان من تشجيع الطلاب على الاندماج في الحزبية الجامحة بالكثيرين منهم إلى الخروج على أبسط قواعد الأدب وتقاليد المجتمع!
كل ذلك يلمسه ويحسه القائمون على أمور المدارس والمتصلون بها من رجال التعليم والمشرفون عليها. وكل ذلك نادينا بضرورة إصلاحه من زمن بعيد فلم نجد مع الأسف من القائمين بالأمر إلا ارتجال مشروعات لا تمت بصلة صحيحة إلى إصلاح روح المدرسة ونظمها. وأعتقد أن رجال التعليم جميعاً يتحدثون بذلك ويدركونه ويتلمسون له الحلول فلا يجدونها! وهاهي ذي الأمة تقاسي اليوم من جراء ذلك ما تقاسي من فوضى الخلاق، وسوء معاملة الناس متعلمين وجاهلين بعضهم لبعض وعدم ثقتهم بعضهم ببعض، وأنانيتهم وجشعهم وقلة اكتراثهم بعمل الخير، وقلة إقدام متعلمينا وشبابنا على المشروعات العامة ببسب فقدان التناصر والتعاون حتى بين أفراد الأسرة الواحدة وخروج الابن على أبيه، وعدم رعاية حقوق الأخوة والجوار، الرحمة ممن تحب عليهم الرحمة للضعفاء والمعوزين، إلى غير ذلك مما يفت في عضد الأمة ويضعف من قوتها، ويوهن روح بنهضتها ويضعضع وحدتها. ولقد أحس بذلك الصغير والكبير ورجل الشارع التعليم. فما السبيل يا ترى لإصلاح هذه الحال؟
فإذا كنا نادينا في سبيل وحدة الأمة وتكاتف عناصرها بضرورة توحيد الثقافة في المرحلة الأولى من مراحل التعليم بإحلال المدرسة الموحدة محل المدرسة الموحدة محل المدرسة المشتقة من التعليم الإلزامي والأولي والريفي والابتدائي؛ وإذا كنا نادينا في سبيل وحدة الأمة بضرورة توحيد معاهد المهنة الواحدة، وعلى الخصوص معاهد المعلمين كدار العلوم ومعهد التربية وكلية اللغة العربية وإدماجها في معهد واحد لتخرج مدرسين متعاونين متضامنين عارفين بواجباتهم مقدرين لمسئولياتهم، فإنا ننادي كذلك بضرورة إصلاح المدرسة القائمة بصفة عامة إصلاحاً يتناول روحها ونظمها ويحدد أهدافها، ولن يتم لنا كل