للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحمد عاصم

٢٠ - ٥ - ١٩٤٥

نقل مبتور عن ابن تيمية

نشر الدكتور جواد على تعليقاً على ما كتبه معالي مصطفى عبد الرزاق باشا عن الفيلسوف أبي سعيد أبي الخير، وقد عرض الدكتور في نهاية كلامه ابن تيمية، إذ نقل كلاماً مبتوراً من رسالته الأولى، ونسبَه على هذا البتر إلى ذلك الشيخ الجليل فكانت فيه وقفة للقارئ. وإليك ما كتب الدكتور، واستشهد عليه بالنقل المبتور:

(ومتى خصص الإنسان كل قواه وحصر كل حواسه في الوجود الحقيقي، بحيث اتصل به اتصالاً كلياً أدرك عندئذ - عين اليقين - ومتى وصل الإنسان إلى هذه الدرجة من المعرفة اتصل اتصالاً مباشراً بالمعرفة. . . فلا حاجة إلى نبوة أو وسيط، لأنه يأخذ من حيث يأخذ الملك الذي يأتي الرسل)

وقد نسب الدكتور هذا التعليل المحجوز بين حاجزين إلى الإمام ابن تيمية، دون أن يبين لنا: أهو يحكي هذه الفقرات عن غيره، أم هو يقرر فكرة يراها ويستشهد لها؟ والقارئ لما نقل عن ابن تيمية على هذا الوجه يفهم فهماً أولياً أن ابن تيمية ممن يرون الاستغناء عن النبوة لمن يسمون أنفسهم (متصلين) مع أن هذا الإمام رجل يقظ لم يتخبط في دينه على هذا النحو، وقد ذكر هذه الفقرة في كلام طويل ينكر فيه تلك الفكرة، ويشنع على القائلين بها، ويجرح فهمهم وتعليلهم الذي استشهد به الدكتور على صحتها. وينزه ابن تيمية في كلامه الطويل أصحاب الرسول (ص) واتباعه عن القول بمثل هذا التحريف، فإيراد هذه الجملة مبتورة عما يتصل بها ليس من أمانة النقل، ولا من الإنصاف في عرض المسائل الخلافية، فضلاً عما فيه من إثارة الحفيظة الدينية نحو ابن تيمية، وتصويره للناس في صورة جماعة هو من خصومهم. وليرجع من شاء إلى صفحة ٢٠ من الرسالة الأولى لابن تيمية، ليعلم الفرق بين الأصل والنقل وكفى

عبد اللطيف السبكي

<<  <  ج:
ص:  >  >>