قلت: وليس بمبتذل والشعر الضعيف إنما يوصف بالابتذال لا بالزلل
وفي ج٥ ص٥٦ حدتني المولى القاضي المفضل جمال الدين قال: دخلت إلى الصاحب أبي بشر وهو في مجلسه، فجلست إلى جانبه، فأنشدني متمثلاً:
إنك لا تشكو إلى مُصْمِتِ ... فاصبر على الحمل الثقيل أو متِ
إشارة إلى أنه لم يشكه. قال أبو زياد الكلابي: ومثل من أمثال العرب: إنك لا تشكو إلى مصمت. والتصميت أن تقول المرأة إذا بكى صبيها الرضيع وهي مشغولة عنه لبعض صبيانها أو لزوجها: صَمِّتْ هذا الصبي. فيأتيه فيحضنه بيده حتى يسكت. . .
قلت: ضبطت (مصمت) في البيت وفي المثل بسكون الصاد وكسر الميم غير مشددة. وإنما هي بفتح الصاد وكسر الميم مع التشديد. وبيت الراجز يكسر بذلك الضبط، وفي اللسان والتاج: (صمت الرجل شكا إليه فنزع له من شكايته، قال: (إنك لا تشكو، البيت) ومن أمثالهم (إنك لا تشكو إلى مصمت) أي لا تشكو إلى من يعبأ بشكواك)
وما ذكره ياقوت في تفسيره طريف وإن لم يرد. . .
في ج٦ ص١٨
أرى الناس خلان الكرام ولا أرى ... بخيلاً له حتى الممات خليل
قلت: ضبطت (خلان) بكسر الخاء هنا وفي مواضع كثيرة في الكتاب، وهي بضمها. والبيت لإسحاق بن إبراهيم الموصلي في مقطوعة أنشدها الرشيد، وختمها بقوله:
وكيف أخاف الفقر أو أُحرم الغنى ... ورأي أمير المؤمنين جميل؟!
فقال الرشيد: لا تخف، إن شاء الله. ثم قال: لله در أبيات تأتينا بها ما أشد أصولها، وأحسن فصولها، وأقل فضولها!
وأمر له بخمسين ألف درهم. فقال له إسحاق: وصفك والله (يا أمير المؤمنين) لشعري أحسن منه، فعلام آخذ الجائزة؟ فضحك الرشيد، وقال: اجعلوها لهذا القول مائة ألف درهم. قال الأصمعي: فعلمت يومئذ إن إسحاق أحذق بصيد الدراهم مني
وقول الرشيد (لا تخف) هو رواية الأغاني. وما جاء في (إرشاد الأريب) هو (لأكفيك)
وقد جاء في الحاشية: هذه طريقة الكوفيين إذا أكدوا الفعل إذ يكتفون باللام بدون نون التوكيد، أما البصريون فيوجبون الجمع بين اللام والنون فيقولون: (لأكفينك)