بكل من اللغتين العربية والإنكليزية - مجموعة شعرية وصلت إلى يدي، وهي ديوان لأغاني لحج على أوزان بحور الشعر القديمة والبحور المولدة، من نظم لأمير فضل بن علي. وقد أعيد طبع هذا الديوان في مطبعة فتاة الجزيرة؛ وقد طبعت هذه المطبعة أيضاً رسالة في إباحة العود والرباب لنفس المؤلف المذكور. ولعل القراء يذكرون أن الموسيقى محظورة في اليمن إذا استثنينا جوقات الموسيقى الحربية، وهذا الكتيب ينادي بنظرة تسامحيه في شأن الموسيقى.
وقد نشر محرر فتاة الجزيرة عدة كتيبات أخرى شائقة، على أن عدداً منها - كما هو الشأن في مطبوعات مطبعة صنعاء - يتناول التاريخ، والبحوث الدينية، وسير الصالحين، ككتاب (سلالة قحطان)، تأليف محمد سعيد الأصبحي. وأهم ما نشر من الوجهة الصحافية هو سلسلة مقالات كتبها أعضاء النادي المعروف باسم (أقلام المخيم)، وهي مقالات تتناول موضوعات شتى، مثل الكشافة، والمذياع (فإن عدن لها محطتها الإذاعية الخاصة (صوت الجزيرة) وهي كذلك تنشر صفحة عن إذاعتها)، وحياة صيادي السمك على الساحل الجنوبي لجزيرة العرب؛ وكل هذه المباحثات كتبت بأسلوب نقدي علمي. وقد أخبرني محرر فتاة الجزيرة، في رسالة بعث إلي بها حديثاً، أن هناك كثيراً من اليمنيين في عدن يرغبون في نشر كتب ألفوها، وفي هذا دليل على مبلغ العناية التي ينالها الأدب في هذه المنطقة من العالم العربي. ولا يسعنا إلا أن ننوه بعناية الجالية الهندية المسلمة في عدن بالأدب العربي، ولا سيما عبد الله يعقوب خان الذي هو حجة في تاريخ ثغر عدن، والذي نشر كتباً عن جغرافيته وأمثاله. وقد ورد ذكر الهنود بالثغر قبل زمن أبي مخرمة الذي يشير في كتابه (تاريخ ثغر عدن) عدة مرات إلى نشاطهم التجاري.
وخليق بالقراء الذين أخذوا من الحضارة بنصيب أوفى، من أهل مصر وسورية اللتين مضى على قيام النهضة العربية فيهما عهد طويل - خليق بهؤلاء القراء ألا ينقدوا هذه المطبوعات نقداً حديثاً على وفق المقاييس العالمية للإنتاج الأدبي السائد في بلادهم؛ بل عليهم أن يعدوها نواة الإنتاج الأدبي الذي تقدمه بلاد الجنوب. الغربي لجزيرة العرب إلى الثقافة العربية. ولنتذكر أن جمعيات المناظرة التي من طراز (نادي المخيم) كانت ذات أثر فعال في القرن الماضي في قيام النهضة الثقافية العربية في سورية؛ ونحن نرى اليوم في