وقد خلد بيرنج ذكر سفينتيه سنت بيتر وسنت بول حين صاغ من اسميهما علماً للمدينة الجديدة التي أنشأها في كامتشاتكا ودعاها بتروبافلوفسك.
وكانت بسنت بيتر تقل سبعين رجلاً على رأسهم بيرنج، وفيهم العلامة الطبيعي المشهور جورج وليم ستللار وحملت السفينة الثانية ست وسبعين رجلاً. ثم انطلقت السفينتان صوب الشمال فيما يعرف اليوم باسم بحر بيرنج، وكان من شاطئ آسيا الشرقي إلى ميسرة القوم وإن لم يكن منهم بمرأى، وانقضت ثمانية أيام استدار بعدها بيرنج نحو الشرق، وسرعان ما هبت قواصف المحيط في عنف ففرقت ما بين السفينتين. ومضت سنت بول في تيه فسيح من البحر الخضم؛ فاضطر بيرنج كي لا يفقدها أن يتحرك في دائرة منداحة طيلة شهر كامل. ولكن لم يقدر مع ذلك أن يلتقي بها مرة أخرى. . . لقد فقدها إلى الأبد.
على أن بيرنج رأى عرضاً هدفه المقصود - أمريكا - حين كان يجد في البحث عن سنت بول، وكان ذلك في التاسع عشر من يولية سنة ١٧٤١؛ وبهذا تحقق الحلم الذي كان يتراءى له ويضنيه تحقيقه مدة ستة عشر عاماً.
وكان أول ما بدا له من أرض القارة الجديدة جبل شامخ البناء رفيع السمك أسماه (سنت إيليا). . . إذ كان بيرنج رجلاً تقياً متديناً كأكثر أولئك المغامرين البواسل من أبطال التاريخ.
حقائق جغرافية:
لزم بيرنج ساحل القارة الجديدة ستة أسابيع على أمل أن يلتقي بالسفينة المفقودة؛ وكان بجولته هذه قد عبر المضيق المعروف باسمه ورأى رأى العين كيف تنتهي آسيا وتبدأ أمريكا.
ويبلغ عرض هذا المضيق في أضيق أجزائه ستة وثلاثين ميلاً وهو مرصع الصفحة بعدد من الجزائر يقوم سكانها منذ كانوا بمهمة الربط بين القارتين عن طريق التجارة وتبادل السلع.
والحق أن بيرنج كان قد بلغ موضعاً من الأرض ينطق بأروع ما تتكشف عنه غرائب الطبيعة. . . فثمة تبدو مظاهر الانخساف الهائل في اليابسة بكيفية نشأ عنها انهيار تلك