للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ميلي كانت تتظاهر دائماً بالحذر في رقابتها.

وفي صباح يوم من أيام يناير استيقظت ميلي ونظرت من النافذة فابتسمت ابتسامة عريضة. لقد ضربن برقابتها عرض الحائط. فها هن يمرحن مع أزواجهن، تلك تحدث زوجها والأخرى تقبله، والثالثة تعدو أمامه. فشعرت بالسرور يملأ قلبها وخطر لها خاطر لم يزعجها، إذ هي تذكرت أهلهن ولكنها وهي المدبرة قد احتاطت للأمر من مبدئه إذ أوصت الفتيان أن يتركوا خطاباً بإمضاءاتهم هم الخمسة ويذكروا فيه حسن نواياهم ونبلها ويطمئنوا الرجال على فتياتهم.

وفي ذات يوم بعد أن وضعت ميلي طفلها بستة أسابيع، جاءها هوب وهو يلهث ويقول:

- لقد جاء يا ميلي كل رجال المدينة مدججين بالسلاح، تبدو على وجوههم معاني التحدي والشراسة. ماذا نفعل؟

قامت ميلي فجمعت الفتيات وأصدرت إليهن أوامرها كما أخفت الفتيان في مكان أمين، ونظرت أمامها فوجدت تلك الكتل البشرية القادمة صوب المنزل تحت قيادة الحاكم فلم تعرهم التفاتها.

ولما وصل القوم إلى المنزل عجبوا وتولتهم الدهشة، إذ وجدوا أبوابه مفتوحة على مصراعيها، فما كان من الحاكم إلا أن قرع الباب مرتين فظهرت ميلي تحمل طفلها فبادرته قائلة

- لقد جئت في الوقت المناسب يا جناب الحاكم فأنا أود أن أعمّد طفلي. . . هل جئت بذلك السلاح لتعمده به؟

فخجل الرجال وألقى سلاحه ثم قال في حدة - ليس لي شأن بولدك. . . أين ابنتي؟

فقالت في هدوء - أصغ جيداً. .

أرهف الكل سمعهم فطرقت آذانهم صوت آلة غزل تدور وصوت آخر يجاريها وهو يتعالى بنشيد في مرح وسرور. وقالت ميلي: ها هي ذي ابنتك يا جناب الحاكم. . أتراها سعيدة أم شقية؟ فتمهل الحاكم ثم قال - إنها سعيدة. .

وسرعان ما تعالت أصوات الباقين يتساءلون عن فتياتهم، ولما أصاخوا السمع كانت هناك إحداهن تنشد أغنية عذبة، وأخرى تغسل في حبور، وثالثة تطهي الطعام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>