واختفت من الشرفة، لتمضي دقائق قليلة، ثم يجدها بعد ذلك على الطوار!
لقد ارتبك قليلاً. ولكنه تماسك ليرى! فما كان يخطر على باله أن يتم الأمر كله بهذه السهولة. ومن يدري لعلها لم تلحظ إشارته ولم تحس بوجوده وإنما هي تمضي لشأن خاص.
وقال كلمة عابرة، مما يقوله الشبان للفتيات. وما كان اشد دهشته حين أشارت إليه أن يصمت هنا وأن يمضيا هناك.
إنها لتلحظه هنا كل صباح. وإنها لتعرف أنه مدرس في المدرسة الثانوية بالحي، وأنه خاطب ليتزوج. فأين هي (دبلة) الخطوبة؟
واستمر في عبثه فقال: لقد عدلت نهائياً عن الزواج. فما راعه إلا أن تقره فتاة على هذا العزم. لأن الطلاقة هكذا هي أليق الأوضاع!
والتقيا مرتين قبل أن ترافقه إلى داره!. . .
وفي الصباح سأل في سخرية: ألا تتزوجينني؟ قالت: لا. أن أبي مستشار، ولن يرضى بالمدرسين!
وسألته عن شاب آخر يدرس معه في المدرسة نفسها: ما اسمه وأية مادة يدرس؟
وواعدته مرة ثم أخلفت الميعاد!
وبعد يومين شاهدها مصادفة. . . برفقة ذلك الشاب!
إنها من الجيل الجديد. . .
٣ - خطيبة
جلسا قبالتي في ترام رقم ١٥، وكنا ثلاثة في الحجرة، كان يبدو عليه شغف وفتنة، وكان يبدو عليها دلال وإغراء. . . إنهما خطيبان. لقد لمحت في إصبعيهما (دبلتين) في اليد اليمن. . .
وسمعتها تقول: الحمد لله إذ كنت موجوداً لئلا تظن شيئاً!
وقال - في لهجة يخالطها العتاب -: ماذا تقولين؟ أظن شيئاً؟ ماذا أظن؟ وافرضي أنني لم أكن موجوداً. . . اسمعي: إنه لا يمكن أن يجول في نفسي أي شيء عنك. إن على الإنسان أن يبحث عن الأسرة أولا وعن الأم ثانياً. . . ثم يثق، فلا يفتش بعد ذلك أبدا.!