أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً. أولئك هم الكافرين حقا، واعتدنا للكافرين عذاباً مُهينا. والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم، وكان الله غفوراً رحيما).
واقرأ من سورة الأعراف:(ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه، فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم. قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين. قال يا قوم ليس بي ضلالة، ولكني رسول من رب العالمين. أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين. أوَعَجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون فكذَّبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك، وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا، إنهم كانوا قوماً عَمِين) وهكذا سأتعب واتعب القارئ من عد آيات القرآن للاستشهاد بها في هذا المعرض كما يتعب من يعد نجوم السماء. . .
فأين في هذه الآيات وأمثالها الكثيرة (التصوير الفني) الذي لفت نظر الأستاذ سيد وأثار خياله، حتى وهو طفل، بحبكته في اللوحات ذات الوحدة والتناظر والتمثيل الجامع ذي الظلال والأجواء الشاملة كما يتجلى في (ومن الناس من يعبد الله على حَرْفٍ، فإن أصابه خير اطمأنَّ به، وإن أصابته فتنة انقلبْ على وجههً. . .) وفي: (مَثَل الذين كفروا بربهم، أعماُلهم كرمادٍ اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء) وفي (له دعوة الحق. والذين يَدْعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفَّيْه إلى الماء ليَبْلُغ فاهُ، وما هو ببالغه. . .) وفي (ومن يشرك بالله، فكأنما خَرَّ من السماء فتخْطَفُه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق. . .)
فهل نستطيع أن نقول إن أمثال هذه الآيات التي ذكرناها من سور الفرقان والأنعام والأعلى والنساء والأعراف لا تعبر عن (معان مجردة أو حالات نفسية أو صفات معنوية أو نماذج إنسانية. . . الخ) وهل نستطيع أيضاً أن نقول إن (نوع) التعبير في هذه الألوان واحد من الجهة الفنية؛ وهل لا نلمس في هذه الآيات نفس الإعجاز الذي نراه في غيرها من أدوات التعبير القرآني، حتى نربط ما بين الإعجاز وبين التصوير الفني؟
لا. إني لا أقر الأستاذ قطب على هذا التعميم، وكنت أحسبه فلتة قلم إليها حماسة للموضوع ولكن رده علىّ بعد ذلك يؤكد أنه (يعني مرتكنا فيه إلى الدليل). فلم يكن لي بد أن أسرد له