للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لأنه لا يملك غير منطقة هو، فهو معذور!

(فسبحان الله رب العرش عما يصفون) ذلك موقف وجداني فيه انفعال وتقزز من تلك الدعوى وتنزيه لله عما وراءها من أزمات ومحرجات. وهو موقف معترض للإسراع بالتنزيه تعود الآيات بعدد إلى الاستدلال (لاُ يسأل عما يَفْعل وهم يسألون) وهذا مقطع آخر فيه ضرب عظيم من ضروب الاستدلال هو الدليل العلمي الواقعي، وهو كذلك أحد ضروب الأدلة الكبرى وله في الفلسفة العصرية المقام الأول إذ به تسير الحياة العملية وهو محور الاجتماع. . .

فما دام الواقع أن جميع الآلهة المزعومة مَلَّك الناسُ أن يواجهوها بالمسئولية والمحاكمة فلا يصح أن يكون آلهة ما دامت تقع عليها الدينونه. . . ولكن الذي خلق السموات والأرض لا يملك عابد له أن يرفع عينه إليه بمسئولية، بل ليس له إلا التسليم والإذعان ما دام عاجزاً عن الهرب من أقطار السموات والأرض. . . (ومن كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فلْيمدُدْ بسبب إلى السماء، ثم لْيقطع فلْينظر هل يُذهِبَنّ كيدُه ما يغيظ!)

وهل فيما زعمته الوثنيات والاشتراكيات شخصية إلهية لم تسأل؟ إن آلهة اليونان والهندوس وغيرهما كما وردت في أساطيرهم ذات صفات عاجزة فيها العبث والغلط والمنازعات التي كان وراءها مسئوليات.

(أم اتخذوا من دونه آلهة. قل هاتوا برهانكم!) إذا نحن في مقام جدل كبير يتسع للرد وقوع الحجة بالحجة وتشقيق الدليل وراء الدليل، ولسنا في مقام تسليم بوجدان عن طريق تعريض (الحس للأصداء والأضواء) والخطابيات والشعريات والنغمات.

(هذا ذكر من معي وذكر من قبلي) وهذا مقطع عظيم أيضاً من مقاطع الاستدلال هو ما يسمونه (الدليل التاريخي) إذ أن التاريخ لم يثبت حياة رسول جاء قومه بغير الوحدانية. . . إذا فقد سد القرآن مجالات القول والاستدلال أمام المشركين حتى أثبت أنهم لا يستندون في دعواهم إلى أي حق، إنما إلى التكبر والجهل والإعراض. وكان هذا الختام (بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون) نتيجة منطقية ذهنية واضحة لمقدمات واضحة أخذت بضروب الأدلة جميعاً ولم تترك مفراً لجدل مجادل. . .

فكيف بعد هذا كله يضرب الأستاذ قطب هذه الآية مثلا في أن القرآن تناول مشكلة التوحيد

<<  <  ج:
ص:  >  >>