البحوث من غير أن يتأثر الباحثون بمؤثرات خارجية تشغل بالهم وتقلق راحتهم فينصرفون عن بحوثهم بمتاعب أنفسهم. لذلك يجب عليه أن يعمل لتأمين مرءوسيه على مستقبلهم فيضمن لهم العدالة في الترقية ومكافأة المجد على قدر ما يعود من الفائدة من نتائج بحوثه.
ويجب عليه إشراك مرءوسيه في مسئولية العمل ليشعروا بقيمتهم في الهيئة الاجتماعية والعلمية، وبأنهم يؤدون عملاهم أصحاب الفضل في إنجازه، وألا يجعلهم يشعرون بأنهم آلات تعمل لمصلحته ورفعته فإن فعل ذلك فإنه يدل على ضعة في النفس لا يكسب منها سوى حقد مرءوسيه عليه واحتقارهم له وإهمالهم في العمل، بل وإلى الغش الذي يسئ إلى سمعة المعهد خاصة والبلاد عامة. لذلك يجب على رئيس البحوث أن يكون لمرءوسيه بمثابة الأستاذ للطلبة، له فضل تدريبهم وتعليمهم وإرشادهم، ولهم نتيجة دراساتهم وبحوثهم ثمارها. فإنه ليس أدعى إلى بذر بذور الحقد والكراهية في مكامن النفوس بين الرئيس ومرءوسيه من شعورهم بمحاولته غمط حقوقهم المكتسبة بكدهم وحسن عملهم.
ومن دواعي فخر الرئيس العاقل أن يرى مساعديه ينشئون بين يديه صغاراً كالأطفال ثم ينمون ويترعرعون بفضل تعهده لهم وعنايته بهم إلى أن يصبحوا رجالاً مسئولين ذوي آراء محترمة وعمل نافع.
وعلى المرؤوسين واجبات مقدسة نحو رئيسهم، فعليهم أن يعتبروه كالأب يسرون إليه بأخطائهم فيجدونه واسع الصدر صادق الحكم والراي، حليماً في إرشادهم إلى الصواب، ويجب عليهم أن لا ينسوا أنه صاحب الفضل في تمرينهم وتدريبهم إلى أن وصلوا إلى الحالة التي مكنتهم من الاستقلال بعملهم.
هذا هو دستور البحث وأصوله وقواعده إذا توفر في أمة ضمنت نجاحها وتأهلت مكاناً لائقا ًبين الأمم الراقية. فهل نحن عاملون به في مصر. هذا موضوع سنتكلم عنه في فرصة قادمة إن شاء الله.