منذ ذلك العهد فأخذت تتسابق مع فرنسا تسابقاً عنيفاً في جميع ميادين التقدم والرقي. . . وقد لحقتها في معظم الميادين، بل سبقتها في بعض الميادين. فقد خرجت الحضارة العصرية من سيادة فرنسا المعنوية منذ مدة غير قصيرة، ففقدت فرنسا بذلك مكانتها السابقة بصورة قطعية.
مع هذا لا تزال تتمسك بالشهرة التي كانت اكتسبتها سابقاً، بالرغم من حرمانها من التفوق الذي كانت أحرزته قبلا في هذا المضمار.
إنني أشبه منزلة فرنسا وشهرتها المزعومة بمكانة (الوجوه والأعيان) الذين يتمتعون في بعض المجتمعات بشهرة المكانة التي كانوا امتازوا بها قبلا، دون أن يعترفوا بسمو المكانة التي قد أحرزوها غيرهم بكل جدارة واستحقاق.
وكما أن بعض الناس يتأثرون - عادة - بالشهرة السابقة دون أن يلتفتوا إلى (الحالة اللاحقة) فإن بعض كتابنا ظلوا تحت تأثير شهرة فرنسا السابقة، دون أن يعرضوا هذه الشهرة إلى حكم الأحوال الحالية ويزنوها بالموازين الجديدة.