ونرى هنا - كما هو الحال في كل ميادين الفن - أن الإخلاص وحده هو القاعدة الوحيدة)
صمتُّ برهة طويلة أفكر فيما قاله لي إلى أن قطع صمتي بسؤاله:(ألم أٌقنعك؟)
نعم، بالطبع. ولكني عندما أتأمل تلك المعجزة، معجزة التصوير أو النحت التي يمكنها أن تجمع في جسم واحد حركة تدوم عدة لحظات، أقول عندما أتأمل ذلك أسائل نفسي إلى أي حد يتسنى للتصوير والنحت أن ينافسا الأدب - والمسرح بوجه خاص - في تسجيل الحركة. ولا يسعني إلا أن أقول في صراحة إنني أميل إلى الاعتقاد أن مثل هذا التنافس لا يمكن أن يجري لشوط بعيد، وأن رجال الريشة والإزميل لأشد قصوراً في هذا الميدان من رجال القلم، فقال رودان:
ليس قصورنا كبيراً كما تظن. وإذا كان باستطاعة التصوير والنحت أن يهبا الأجسام الحركة ففي مقدورهما أن يأتيا بأكثر من ذلك؛ بل ويستطيعان في بعض الأحوال أن يجاريا الفن الدراما طيقي في إظهار عدة مناظر متتابعة في نفس اللوحة أو مجموعة التماثيل) فأجبته:
(نعم. ولكنهم يدلسون بعض الشيء. لأنني أظنك تتكلم عن تلك الصورة القديمة التي تعرض تاريخا شاملاً لشخص معين فتظهره عدة مرات في أوضاع مختلفة على نفس اللوحة. فمثلاً توجد بمتحف اللوفر لوحة زيتية إيطاليا صغيرة يرجع تاريخها إلى القرن الخامس عشر تقص علينا تاريخ أوربا على هذه الوتيرة. فترى فيها أول ما ترى الأميرة الصغيرة تلعب في حقل نضير مع أترابها للواتي يعاونها على امتطاء صهوة الثور (جوبيتر)، ثم نراها بعد ذلك مروعة وقد اختطفها الإله وغاص بها في لجج اليم). فأجاب رودان:
(هذه طريقة بدائية على الرغم من أن بعض الفحول من الفنانين مارسوها. فمثلا عالج فيرونيز قصة أوروبا هذه بنفس الطريقة كما يتضح من لوحته الموجودة بقصر الدوقية بمدينة البندقية. ولكن على الرغم من هذا النقص فلوحة كالياري معجبة. وأنا لن اشر بشيء إلى مثل تلك الطرق الصبيانية لأني لا أوافق عليها كما يمكنك أن تدرك ذلك. ولكي أجعل نفسي أكثر جلاء ووضوحا يتحتم علي أن أسألك أولاً عما إذا كنت تذكر لوحة واتو