للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسماة

(ركوب السفينة إلى جزيرة سايتيرا) فقلت:

(إني لأذكرها تمتمت كما لو كانت نصب عيني الآن).

(إذا فسوف لا أجد صعوبة في الإفصاح عن نفسي. فإذا تذكرت رأيت أن الحركة في تلك اللوحة الفذة تبدأ في الأمام إلى اليمين وتنتهي في الخلف إلى اليسار. وتلاحظ أول ما تلاحظ في مقدم اللوحة شخصين هما سيدة فاتنة وعشيقها المتيم جالسين تحت الظلال الوارفة قريبين من تمثال نصفي لساببريس منمق بأضافير الورد وإكليله، يشتمل الرجل بعباء مطرزة عليها قلب نفذ فيه سهم. وفي ذلك إشارة لطيفة إلى ما سوف يتجشمه في هذه المرحلة الغرامية. تراه راكعاً بجانبها يستميلها ويستعطفها في حرارة ولكنها تقابل ضراعاته بفتور ربما كان مصطنعاً، وتتظاهر كما لو كانت متشاغلة عنه بمعاينة التهاويل التي على مروحتها. ويجلس بالقرب كيوبيد صغير فوق كنانته وقد تعرى أكثره. يرى أن المرأة قد أمعنت في التدلل والتمنع فيجاذبها قميصها ليستلين فؤادها وإلى هنا لا تزال المرحلة الغرامية في مبتداها. هذا هو المشهد الأول. وهاك الثاني: ترى إلى اليسار من ذلك زوجاً آخر. أما السيدة هنا فتقبل يد حبيبها الذي يعاونها على النهوض، وقد أدارت ظهرها إلينا وتدلت من رأسها ذؤابة من تلك الذوائب الشقراء الذهبية التي يصورها واتو برشاقة ساحرة. أما المشهد الثالث فيقع إلى ابعد من ذلك بقليل. ففيه يضع المحب ذراعه حول خصر مالكة لبه ليجذبها إليه ويسير بها فتتلفت إلى قرنائها اللذين يحيرها تخلفهم، ولكنها لا تلبث أن تنقاد في غير ما تأب.

والآن ينزل المحبون إلى الشاطئ ويندفع الجميع إلى السفينة ضاحكين ولم يعد الرجال بحاجة إلى التوسل والتضرع، وقد تشبثت السيدات بأذرعهم.

وأخيراً يعاون المحبون فاتناتهم على الاستواء على ظهر السفينة الصغيرة التي تتأرجح على صفحة الماء كأنها الحلم الذهبي وقد زينت بالأزهار وشارات خافقات من الحرير الأحمر. أما الملاحون فمكبون على مجاديفهم وهم على وشك التجديف وثمة آلهة الحب الصغيرة تتقدمهم محمولات على أجنحة النسيم كأنما تقود المحبين إلى الجزيرة اللازوردية التي تلوح في الأفق).

<<  <  ج:
ص:  >  >>