للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن وراء هؤلاء يأتي رهينة آخر ممسكا رأسه بيديه ومسلماً نفسه ليأس عنيف، ربما كان يفكر في زوجه وأولاده في أحبائه أو فيمن سيشقي برزئه من مماته.

وثم رهينة خامس يحرك يده أمام عينية كأنما يحاول بذلك أن يبدد كابوساً مرعباً أناخ على روحه. . . إنه يتعثر، ولا غرو فقد روَّعه الموت.

وأخيراً نرى الرهينة السادس وهو أصغرهم جميعاً. تراه كأنه متردد غير مستقر، يقبض أسارير وجهه همٌ ناصب. أهو طيف حبيبته الذي يستحوذ على أفكاره؟ ولكن رفقاءه يتقدمون وها هو ذا يتبعهم ماذا عنقه كما لو يسلمه إلى سيف القدر.

ومع أن هؤلاء الثلاثة أقل شجاعة من الثلاثة الأول فإن نصيبهم من التقدير والإعجاب لا يقل بحال من الأحوال عنهم، لأن إخلاصهم أدعى إلى التقدير والثناء. ويكلفهم أكثر مما يكلف الآخرين.

وهكذا يتسنى للمرء ان يتابع بدقه تمثيلياً في رهائن كاليه، ذلك التمثيل الذي هو نتاج شعور وتأثر كل فرد منهم بنفوذ يوستاك دي سنت بيير ومقدار إقتدائه به والنسخ على منواله فيراهم المرء وقد اسلموا قيادهم إليه رويدا قرر الواحد تلو الآخر أن يتقدم معه إلى الموت ليدفع ثمن مدينتهم.

ولا ريب أن فيما ذكرت أعظم إثبات وتعضيد لرأيك عن قيمة الحركة والمناظر في الفن) فأجاب رودان:

لو لم يكن فيما تراه في عملي شيء من المغالاة لجزمت بأنك أدركت ما هدفت إليه تمام الإدراك. لقد قدرت (رهائني) كل التقدير ورتبتهم بحق تبعاً لمقدار بطولتها. ولكيما أظهر هذه الحال بأجلى مظهر أبديت رغبتي التي ربما تعلمها بأن تثبت تماثيلي الواحد وراء الآخر على بلاط الميدان قبالة سراي بلدية كاليه لتكون أشبه بحلقة حية من الآلام والتضحية. لو أنها وضعت كذلك لبدت كأنها تخطو من دار البلدية إلى معسكر أدوار الثالث، ويشعر سكان كاليه اليوم عندما يخالطونها في غدوهم ورواحهم شعوراً عميقاً بالتضامن أو الاتحاد التقليدي الذي يربطهم بأولئك الأبطال، ولكان أثر ذلك بالغا فيما أعتقد. ولكنهم رفضوا مقترحي وأصروا على وضع التماثيل على قاعدة قبيحة بقدر ما هي غير لازمة. إنهم كانوا مخطئين، وأنا متأكد مما أقول). فقلت (وا أسفاه. كأنما قدر على الفنان

<<  <  ج:
ص:  >  >>