الأحجار في تلك الجهات الحارة النائية في أواسط إفريقية حتى يصاب بعضهم بالسل، وبعضهم بالحمى الصفراء. . . وذلك باسم تقاليد فرنسا!
وفي تونس، وفي الجزائر، البلدين العربيين اللذين تدعي فرنسا أن ثانيهما (أرض فرنسية) تعمل جاهدة على رد أهله عن دينهم بكل وسائل العنف والقسوة. . . باسم تقاليد فرنسا!
هذه هي فرنسا.
هذه هي حقيقتها من وراء الأضواء المصطنعة والدعايات البراقة. بل هذه هي حتى من خلال الأضواء المصطنعة والدعايات البراقة. فما هذه الأضواء التي تخدع المخدوعين، وتطلق ألسنة الدعاة؟ إنها الدعارة الفاجرة، والتحلل الذميم، والبوهيمية المطلقة. . . إنها هي بعينها النكسة إلى حياة الحيوانية، وفوضى البربرية!
ولكن هنا رءوساً وأقلاماً لا تزال تمجد فرنسا، ولا تزال تتشدق باسم فرنسا!
أولئك بضعة نفر عاشوا في فرنسا فترة من العمر، فسمحت لهم فرنسا الداعرة بإشباع أقصى لذائذهم الحيوانية، وتروية أظمأ شهواتهم الحسية. . . ثم عادوا فإذا في الشرق بقية من تقاليد وبضعة من حواجز، فلم يرق لهم ما في هذا الشرق من (رجعية)! وظلوا يحنون إلى عهد فرنسا الداعر وإلى لذائذها الممنوعة، وإلى شهواتها المحرمة!
وقليل منهم وجد في فرنسا علماً وفناً - وإن لم يجد لفرنسا قلباً - ففتنه العلم والفن عن أقدس المقدسات القومية والإنسانية فتنة عن كرامة الوطن، وعن حرمة الأهل وعن شرف العرض. . . فإذا أحدهم يجادلني في أمر الشرق العربي وفظائع فرنسا فيه فيقول:(إذا لم يكن بد للإنسانية من أن تفقد فرنسا أو أن تفقد هذا الشرق العربي، فليذهب الشرق العربي إلى الجحيم)!
هؤلاء نفر منحلون. . . وعلامة الانحلال في فرد أو أمة
أن يهون عليه شرف العرض وحرمة الأهل وكرامة الوطن. كما هانت على هذا الذي كان يجادلني في أمر فرنسا.
ويقولون لنا حين نجادلهم: إنكم لم تعيشوا في فرنسا. أجل نحن لم نعش في فرنسا، ولكن فرنسا عاشت عندنا فلم نطلع منها في يوم من الأيام على صفحة بيضاء. . . فهلا أخطأت فرنسا مرة فأطلعتنا على حقيقة عناصرها الطيبة؟!