رأت دولة ما أن من مصلحتها أن تتفق مع دولة أخرى في بعض الظروف، فقد ترى من مصلحتها أن تلتزم الحياد، أو تتفق مع غيرها عند تبدل الظروف. إن نظرة بسيطة إلى تقلب الاتفاقات السياسية وتطور التكتلات الدولية تكفي لإظهار ذلك للعيان. . .
هذه إيطاليا، فقد انضمت إلى فرنسا وإنجلترا، ضد روسية في حرب القرم، ثم اتفقت مع ألمانيا ضد فرنسا بعد استيلاء الأخيرة على تونس؛ ومع هذا لقد انضمت إلى أعداء ألمانيا خلال الحرب العالمية، وفي الأخير عادت واتفقت مع ألمانيا ضد أعدائها في الحرب الحالية. . .
وهذه إنجلترة، فقد حاربت فرنسا في عهد نابليون، ثم اتفقت معها ضد روسيا في حرب القرم، ثم اتفقت مع اليابان فشجعتها على محاربة الروس بعكس ما عملته فرنسا عندئذ، ثم اتفقت مع فرنسا وروسيا ضد ألمانيا في الحرب العالمية، ثم حاربت روسيا بعد انتهاء الحرب المذكورة، وفي الأخير بذلت الجهود الجبارة بالاتفاق معها قبيل الحرب الحالية. وكذلك الأمر في علاقات إنجلترة مع تركيا فإنها كانت على الدوام يوماً لها ويوماً عليها. . .
ونحن نستطيع أن نذكر عشرات الأمثلة لذلك. . . مما يدل على أن مثل هذه الاتفاقات لا توجد موازنات مستقرة - بين تطور المنافع وتقلب الاتجاهات. . .
ولذلك كله سارت الأمور خلال الحرب الحالية سيراً غريباً - بالرغم من الاتفاقات والضمانات السابقة - وقد أدى هذا السير إلى بقاء الجيش الفرنسي - في آخر الأمر - وحيداً إزاء الجيش الألماني في ساحات الحرب. . . فازداد بذلك تأثير التفوق العددي زيادة هائلة. . .