الأوبة. وهذا في غالب الظن، لا يقال بعد مضي سنين كثيرة على هذه الرحلة:
وما بَي طِرق للمسير ولا السُّرى ... لأني ضرير لا تضيء لي الطُرْق
أغِربانُك السُحم استقلَّت مع الضحى ... سوانحَ أم مرّت حمائمك الوُرق
رحلتُ فلا دنيا ولا دين نلته ... وما أوبتي إلا السفاهة والخرق
يا لهف نفسي على أني رجعت إلى ... هذي الديار ولم أهلك ببغداذا
إذا رأيت أموراً لا توافقني ... قلت الإياب إلى الأوطان أدَّى ذا
شُئِمتِ يا هَّمة عادت شآميَة ... من بعد ما أوطنت عصراً ببغداذى
وأزيد على هذه الأدلة أن أبا العلاء ذكر سن الأربعين مرات في اللزوميات، وقد بلغها بعد رجوعه بسنين ثلاث
- ٣ -
إن كان المعري شرع ينظم لزوم ما لا يلزم حين رجع من بغداد أو بعد رجوعه بقليل، فكم استمر ينظمها، ومتى انتهى من نظمها وجمعها ورتبها وكتب لها المقدمة التي كتب؟
يمكن أن نجيب على هذا السؤال بوسيلتين: الأولى تتبع الحادثات التي ذكرها والرجال الذين أورد أسماءهم في شعره؛ والثانية استقراء الأبيات التي ذكر فيها سنه
(١) الحوادث والرجال:
١ - أولاً: بنو عامر وطئ
يذكر أبو العلاء فتناً وخطوباً أثارها بنو عامر وطئ في الشام وما حولها، ويسمى بعض رجالهم في مواضع كثيرة، منها:
إذا عامر تبعت صالحا ... وزجّت بنو قرّة الحردَبا
وأردَف حسانُ في مائج ... متى هبطوا مُخصباً أجدبا
وإن قرعوا جبلاً شِامخاً ... فليس يُعنّفُ أن يَحدَبا
رأيتَ نظير الدَبا كثرة ... قتيرُهمُ كعيون الدَبا
ومنها:
ألم تر طيئاً وبني كلاب ... سموا لبلاد غزّة والعريش