للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في كثير من المواضع بالخطاب، ومنحتها الشريعة حقوقها كاملة، وبحسبنا أن الشريعة الإسلامية لم تحرمها التصرف في مالها الخاص أو الميراث إذا تزوجت، ولم تجعل لزوجها سلطاناً على مالها، مع أن القانون الفرنسي ما زال يعتبرها ناقصة الأهلية، فيتصرف زوجها في مالها كما يتصرف المولى أو الوصي في مال القاصر، وليس لها حق التقاضي إلا بإذن زوجها.

ثم أن الشريعة الإسلامية منحت المرأة حرية اختيار زوجها، وأجازت أن تكون العصمة بيدها. وقد ضرب الرسول عليه الصلاة والسلام أرقى المثل في إعزازها والحدب عليها ورد الاعتبار لها بأفعاله وأقواله، وطالما تغنى الشعراء بحبها والزلفى لها، وطالما أسهمت في الحركة الأدبية والعلمية والسياسية بنصيبها، وطالما سمى الرجال بأسماء أمهاتهم وبناتهم، فليس بصواب أن المجتمع الإسلامي - ودينه الإسلام - انتقص حقوق المرأة وحقر من شأنها كما ادعى الأستاذ

وهل تناسى الأستاذ أن أوربا بعد ذلك العصر كانت تسوم المرأة الذلة والهوان؟ وأن أوربا كانت تتجادل في حقيقة المرأة أإنسان هي أم شيطان؟

ولا تحقير للمرأة في أن نطلق عليها (أم فلان)، وإنما فيه تكريم لها ومسرة واعتراف بالفضل، إذ أنجبت، وأدت وظيفتها الأولى في الحياة. ولا تحقير لها في أن نكني عنها بحرم فلان؛ لأنها في عصمته ورعايته وحمايته، وهي تعلم أن الزواج شرفها وحليتها وأملها، وهل المجتمع الغربي المعاصر يحقر المرأة؟ وإلا فلماذا يطلق عليها مسز فلان وليدي فلان ومدام فلان؟ ومن لطائف برنادرشو في ذلك أن سيدة قالت له: إن الرجل قد سلب المرأة حقوقها، فقال لها: بل سلبته هي كل شيء حتى اسمه

- ٤ -

(يجب أن يكون المنطق أساس البلاغة الجديدة، وأن تكون مخاطبة العقل غاية المنشئ بدلاً من مخاطبة العواطف) ص ٥٦

وهذه فكرة عاسفة تهدم أساس الشعر والنثر والفنون الجميلة عامة؛ لأن الفنون وليدة العواطف، واستجابة لنوازع نفسية لا صلة للمنطق بها، ولو أنا أخضعنا كثيراً من النصوص الأدبية التي تروقنا للمنطق لوجدناها هباء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>