(الواقعيين) أي أولئك الذين هم أقل عمقاً في الشعور والحس أمثال روبنز وفلاسكويز ورمبراند فنرى أن لخطوطهم جمالاً حياً له قوة وروعة، وهدوء وسكون. أما ألوانهم فتقوى أحياناً حتى لكأنها أخذت من أشعة الشمس، أو تخبو أحياناً أخرى فتبدو كأنها الهيدب أو الستر الشفيف؟
وعلى ذلك قد تختلف طرائق التعبير عند نوابغ الفنانين باختلاف نفوسهم. ويكاد يكون مستحيلاً على المرء أن يقرر بأن رسم ولون فريق منهم أحسن أو أفضل من رسم ولون الفريق الآخر). فقلت:
- (إني أدرك ذلك يا أستاذ؛ ولكني أراك لا تفكر لحظة فيما تسببه من الإحراج لجماعة النقاد المساكين عندما ترفض مبدأ تقسيم الفنانين إلى رسامين وملونين. ولكن يسرني أن أفهم من قولك إن هناك طريقة جديدة لمن يرغب ذلك من مريدي التقسيم، فأنت تقول إن الرسم واللون ليسا سوى وسيلة، وإن روح الفنان هي العامل المهم الذي يعنينا. وعلى هذا يمكن أن نضع المصورين في جماعات تختلف باختلاف أمزجتهم. فالبرخت دورر مثلاً يقرن بهولبين، لأن كليهما منطقي. ويوضع رافائيل وكوريجيو وأندريا دل سارتو الذين ذكرتهم في قسم تغلب عليه العاطفة والحس، ويأتي هؤلاء في طليعة المحزونين الذين يشبهون بشعراء المراثي. وثم قسم آخر يشمل أولئك الفنانين الذين يعنون بالوجود وبالحياة اليومية يكون من أقطابه الثالوث المؤلف من روبنز وفيلاسكويز ورمبراند. وأخيرا يؤلف بعض الفنانين أمثال كلود لورين وتيرنر قسماً رابعاً ينظر إلى الطبيعة كأنها رؤى وضاءة آبقة).
فابتسم رودان وقال:
(أرى أن لا داعي لمثل هذا التقسيم الذي قد يكون أقرب إلى الصواب والعدل من ذلك الذي يقسم الفنانين إلى رسامين وملونين. وعلى كل حال فإن أي تقسيم من هذا النوع مصيره إلى الفشل، وذلك لتعقد ألفن أو بالأحرى لاختلاف النفوس الإنسانية التي تتخذه لغة للتخاطب والتفاهم. وعلى ذلك فغالباً ما يكون رامبراند شاعراً سامياً ورفائيل واقعياً صرفاً
دعنا نروض أنفسنا على فهم عظماء الفنانين. دعنا نحبهم، ولنقصدهم لنستلهمهم ونستوحيهم، ولكن فلنكف عن وضع بطاقات عليهم كتلك التي نضعها على العقاقير في