للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إيجبت. . . إيجبت! رددت كلمة إيجبت وهي تلفظها ممطوطة ممدودة بتؤدة كأنها تعود بذاكرتها آلاف السنين إلى الوراء تستعرض بلمحة واحدة آثار الماضي السحيق الباقية على الدهر وتقول: أنت إذن مصري؟!

نعم يا سيدتي أنا مصري من سكان القاهرة، وأنت فرنسية فقاطعتني قائلة: (فرنسية باريسية) وصديقنا أميركي من واشنطون أو نيويورك وليس قطعاً من هوليود. وها نحن الثلاثة نمثل ثلاثاً من قارات عالمنا، ونمثل أيضاً أعرق مدنية عرفها التاريخ القديم وهي تتوثب الآن للعودة إلى الحياة، وأعرق مدنية حديثة ستتغلب عليها مدنية أحدث منها، ومدنية جديدة في العالم الجديد قد يكون لها طابع خاص سوف يتحول بسرعة إلى طابع يعم العالم، وأردفت كأنها تتدارك فوات فرصة: نعم نعم سيكون الدولار طابع أميركا الخالص كما يحاول الروس أن يجعلوا الاقتصاد أساساً لنظام العالم الاجتماعي الجديد. قالت السيدة كلمتها عن الدولار وضحكت ضحكة عالية لها رنة الأوتار المتزنة والنغمات الرقيقة.

قلت: العالم يا سيدتي لا يقوى على السير في نظام اقتصادي محض بل يستحيل عليه المضي في طريق السعادة البشرية بغير دوافع الروح

هذا صحيح يا مستر إيجبت ولكني ألاحظ أن مدام فرانس تتحداني في كل ما أقول، فإذا كان ذلك يا سيدتي فلا أمانع أنا الأميركاني في تقرير الدولار طابعاً لبلادي وهو بالفعل الإله الذهبي الموحي إلى كل الناس كل الرغبات والشهوات.

المرأة يا مستر أميركا، أرجوك ألا تنسى المرأة، بل أحتم عليك عدم نسيانها لأنها الروح الذي تكلم عنه مستر إيجبت ولأنها وحدها الموحي لكل الناس كل الرغبات والشهوات - على حد تعريفك أنت - بل ي وحدها موحية الحياة والحب لوكل النساء كن مثلك يا سيدتي لما ترددت في الاعتراف بذلك ولكن. . .

دع يا مستر أميركا قرض المديح ونظم الثناء والإطراء لأنها من طبائعنا الأصيلة التي لم تقتبسوها عنا بعد، وإنها وإن كانت ترضي غرور المرأة وتدغدغ زهوها ولكنها لا تقوم مقام الحقيقة التي لا محيص عن الاعتراف والجهر بها وهي (أن المرأة هي الإله الوحيد الموحي إلى كل الناس معنى الحياة والحب، ولذة الوجود والفرح به على الأرض، ولذة الألم والحزن أيضاً)

<<  <  ج:
ص:  >  >>