للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأنه لم يسلم نفسه لفرنسا إلا بعد عهد قطعة على نفسها ثم نكثت به وخانت شرف اسمها، وأن هذه الأمة الفرنسية التي لا يزال قلبها يتنزى ألماً وحسرة على نهاية بطلها نابليون لا تشعر أي شعور إنساني نحو أمثاله من الذين نهضوا يذودون عن حرية قومهم ومجدهم.

فيا جناب ممثل فرنسا! أظن أنك رجل تغار على قوميتك وتدافع عنها! فدعنا نفعل ذلك دائماً

وأظنك ترى معي أن كل من يضفي على فرنسا حنان قلبه ويغسلها بدموع عينه من المصريين إنما هو أحد رجلين: رجل جاهل بجرائركم على أمته وكرامة قومه، قد استسلم للفتنة بما عندكم، وهذا لا يليق به أن يتصدى لقيادة الشباب بقلمه مهما كان له من الحسنات في مجال (الترف العقلي) ولا يجوز لكم أن تعتبروه معبراً عن هذه الأمة المصرية حين يرسل لمصرع أمتكم دموعاً تشهد عليه أنه غير سليم الموقف ولا صحيح الطبع، وإنما هو ذو مزاج مؤوف ورأي منكوس.

وإما رجل يعرف هذه الجرائر ولكنه يطويها عن الناس في نفسه ولا يذكرهم بها ليبين لشباب قومه المفتون جوهر نفوسكم وحقيقة حضارتكم، لأنه صريع الخيانة أو مأجور القلم. وهذا لا شك رجل تافه الصداقة تافه العداوة؛ فليس فيه نفع لكم لأنه لم ينفع قومه. وهو جدير أن ينقلب عليكم حين تفوته المنفعة، ولأنه لم يعشق روحكم التي يزعمها روح أحرار، فلو عشقها حقاً لكان أول من حاكمكم إليها حين رآكم تحيدون عنها وخصوصاً مع بني قومه

وإذا كان فيما مضى كتاب خادعون أو مخدوعون فتنوا بمظاهر حياتكم فتنة العمى عن حياة قومهم المعذبين بكم، وصالحوكم ولم يذيقوكم مرارة العداوة والثأر من سمعتكم، لإخوانهم، فإن الزمن الآتي لن يسمح لأمثالهم أن يسيطروا على عقول الشباب العربي، بعد أن نطقت حوادث الزمان أنكم قوم لا تصلحون لوصاية على أحد أنكم أنتم محتاجون في الواقع إلى أوصياء يهدونكم سبيل الرشد.

عبد المنعم محمد خلاف

<<  <  ج:
ص:  >  >>