للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من أعياد البلاد كما يقطع هو كل يوم عشرة رؤوس منهم!

وإذا ذكروا (السوربون) وفضله على الأدب والعلم فليذكروا الأزهر الذي اتخذته جنودكم اصطبلاً للخيول ولم يرعوا العلم والدين حرمة.

وإذا ذكروا انتفاعهم بعلومكم وفنونكم، فليذكروا أنكم كنتم أشد الأمم إصراراً على الاستمرار في إهدار الكرامة المصرية وكنتم الشوكة الوحيدة في حلوق المفاوضين المصريين في مؤتمر (مونترو) لإلغاء الامتيازات الأجنبية، التي كانت تجعل من السنغالي التابع لكم شخصاً له امتياز على المصريين في ديارهم. وأنكم كنتم آخر دولة وقعت على محضر إلغاء صندوق الدين: رمز الذل الاقتصادي الذي أصاب مصر، فلم توقعوا إلا بعد هزيمتكم ونكبتكم، وأنكم كنتم الوحيدين الذين أصروا على دفع فوائد ديونهم في مصر ذهباً لا ورقاً، وأنكم وحدكم الذين عنيتم بفرض ضمانات شديدة لاحتلالنا بثقافتكم.

وإذا ذكروا التماثيل والأنصاب التي تجمل مدنكم، فليذكروا أن أشرف نُصُب فيها وهو ضريح الجندي المجهول في باريس يثير في نفوس العارفين ذكرى أكبر مخزاة ومظلمة ونكران للجميل! فقد ذكر سكرتير مسيو (كلمنصو) في مذكراته أن حكومتكم لما فرغت من إقامة بناء ذلك النصب التي تحته قبر الجندي المجهول في باريس أرادوا أن يضعوا فيه جثة جندي فرنسي، فذهبوا إلى ميدان موقعه (المارن) الشهيرة، وصاروا ينبشون لإخراج جثة. وشاء الله أن يسجل على فرنسا لعنة أبدية حيث أرادوا لها فخراً. فكانوا كلما نبشوا عن جثة وجدوها جثة قتيل من جنود شمال أفريقية فيردمون عليها، وهكذا يهتدوا لجثة جندي فرنسي (أبيض) إلا بعد عثورهم على ثلاثة عشر جثة للمغاربة! ومع هذا لم ينصفوا قوم هؤلاء القتلى الذين ذهب ملايين منهم ضحايا في سبيل فرنسا أي إنصاف، ولم يمكنوهم من اقل الحقوق الإنسانية وهي حق الحياة والعلم، وأبو أن يضعوا جثة أحدهم مكان جثة فرنسي قح. . .

وإذا ذكر الباكون أنهم عاشوا بباريس في رحاب الشراب والحب والغزل والأنس، فليذكروا أن بطلاً كريماً هو المجاهد محمد عبد الكريم الخطابي بطل ثورة الريف في مراكش الذي تفخر به قوميتهم أعظم من فخرها بأي قلم تافه لأحدهم. . . قد مضى عليه خمسة عشر عاماً (الآن مضى عليه عشرون عاماً) وهو ملقى في أصفاده على صخور جزيرة مدغشقر،

<<  <  ج:
ص:  >  >>